الطاهر ساتي .. مؤامرات !!

537

:: ويُحكى أن إمرأة وقعت في حب الفيلسوف ايمانويل كانط، ولكن كانط لم يكن يبادلها ذات الحب، إذ كان يتحدث معها في المواضيع، ماعدا الحب والزواج.. لم تصبر، صارحته بالحب ثم تجرأت وطلبت للزواج، فاجابها كانط : (أعطني وقتاُ لأفكر).. وشرع في التفكير عاماُ وآخر وثالث و.. بعد سبع سنوات من التفكير، لم ير خلالها المرأة، قرر أن يتزوجها.. ثم ذهب إلى منزلها، فوجد معها زوجها وطفلهما المشاغب..!!

:: وعندما تنتهي الفترة الانتقالية، نخشى لقوى الحرية والتغيير من مصير الفيلسوف كانط، بحيث يتفاجأ زعماء تلك القوى بالسلطة وقد استولى عليها حاكماُ عسكرياُ وأنجبا نظاماً مشاغباً.. نعم، لقد مضى شهراُ من الفترة الانتقالية المحددة من قبل المجلس العسكري بعامين، ولا تزال قوى الحرية والتغيير في محطة المؤامرات و(الخلافات القديمة)، والتي كانت من أسباب إنقلاب يونيو 1989.. و المؤسفـ أن قوى المعارضة لم تتعظ بعد، ولم تتعلم من دروس الانقاذ المآساوية، بدليل عجزهم عن الإتفاق في أولى مراحلة التحول الي السلطة المدنية، وهي وثيقة الإعلان الدستوري التي صححها المجلس العسكري ..!!

:: وكأن من كتبها – وقدمها للمجلس العسكري – هو رئيس حزب المؤتمر الوطني، تبرأ زعماء قوى الحرية والتغيير من الوثيقة الدستورية التي غفلت حتى (لغة الدولة).. كتبها أحدهم ، ثم قدمها باسمهم جميعاُ، ولكن بغير علمهم ، حسب رفضهم وتنكرهم وتحفظهم .. رفضها حزب الأمة، أكبر أحزاب قوى الحرية والتغيير، وقال زعيمه بوضوح ( هذه الوثيقة لا تمثلنا)..ثم المؤتمر السوداني تحفَّظ على الوثيقة أيضاُ، وقال رئيسه : (كُتِبَتْ على عجل).. والحزب الشيوعي أيضاُ وكذلك الحركات المسلحة ..و .. لم يوافق على الوثيقة غير كاتبها المجهول ..!!

:: وهكذا حال هذه القوى السياسية عندما ظهرت المسماة بلجنة الوساطة.. وافق بها حزب الأمة، ليرفضها الحزب الشيوعي، و.. و.. اختلفوا كالعادة القديمة .. كنت من الذين أحسنوا الظن في هذه القوى المعارضة، باعتبار أن التجارب القاسية (تُعلم وتربي)، أي تكسب الأحزاب وعياُ ونضجاُ .. ولكن للأسف خاب الظن، وكما يبدو بوضوح في الدقيقة الأولى من عُمر التغيير المنشود، وبعد ثلاثون عاماُ من كبتهم وحبسهم وتعذيبهم وتشريدهم وتمزيق أحزابهم، لا جديد في زعماء أحزاب المعارضة السودانية غير تنمية المؤامرات وتطوير الخلافات فيما بينهم ..!!

:: ربما غاب على الزعماء بأن السواد الأعظم من شباب الثورة لا ينتمي إلى أحزابهم، بل ينتمون – وجداناً وروحاُ – إلى قيادتهم الملهمة (تجمع المهنيين).. ويبدو أن تجمع المهنيين قد أخطأ حين أوكل الأمور لأحزاب لم تنضج بعد .. فالتجمع يعلم بأن البواسل الذين أستشهدوا ورفاقهم الذين تعاهدوا بألا يبارحوا ميدان المعركة ما لم يكتمل السقوط، يعلم بأن هؤلاء كما كفروا بالنظام المخلوع، كفروا بالأحزاب أيضاُ.. نعم، فالجيل الصانع للثورة والمستقبل لا يقدس حزباً ليكون (تابعاً وإمعة)، كما الأجيال السابقة.. وما لم تتغير طرائق تفكير زعماء الأحزاب، بحيث تعلو مصالح الوطن والشعب على الأجندة الحزبية والذاتية، فان هذا الجيل ( ح يسقطهم أيضاُ)..!!

الطاهر ساتي

whatsapp
أخبار ذات صلة