الحرب التجارية الأمريكية الصينية .. العالم يحبس أنفاسه والتكنولوجيا كلمة السر
بكين “تاق برس” – عبد الرحيم بشير – دخلت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة مرحلة جديدة، عاد خلالها العالم إلى حبس أنفاسه انتظارًا لما ستسفر عنه المباحثات الجارية بين الجانبين، والتي حققت فيها بكين انتصارات على طاولة المفاوضات فقط، انتظارًا لتحقيقها على أرض الواقع، خلال اللقاءات التي جرت على مدار الشهرين الماضيين بين الطرفين في كل من واشنطن وبكين، وذلك مع مرور عام كامل على بدء الحرب في مارس من العام الماضي.
ولكن على ما يبدو أن الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، غير جادة في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، نظرًا لاستمرار تفوق الصين في الميزان التجاري وكونها أكبر دائن لواشنطن في أذون الخزانة، ما يؤكد استمرار فرض الإجراءات الحمائية على الواردات الصينية للأسواق الأمريكية، بهدف منع بكين من الصعود إلى قمة الاقتصاد العالمي، فضلا عن تفوقها في الذكاء الاصطناعي واستمرار أزمة شركة هواوي التي مُنعت منتجاتها من دخول سوق واشنطن وتتهمها باختراق الأمن القومي، لكون منتجاتها من الهواتف المحمولة أصبحت منافسًا شرسًا لهواتف أيفون الأمريكية، رغم كون هواوي قد أسهمت بشكل كبير في تطوير البنية التحتية معتمدة على تطوير منتجاتها في ظل منافسة عادلة.
ويؤكد مراقبون أن الحرب اتخذت شكلا تكنولوجيًا، ترغب من خلاله واشنطن في استمرار سيطرتها الأمنية والسياسية على العالم بوصفها ظلت على مدار عقود الشرطي الأول الذي يحرك الدفة ويهيمن على مصائر الشعوب.
وفي بكين تتضافر الجهود على المستويين الرسمي والشعبي لمواجهة تلك الحرب، ففي مؤتمر صحفي عقد قبل أسابيع قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينج، إن تحذير الجانب الأمريكى بشأن “المخاطر الأمنية”، لا يتماشى مع وضع أمريكا كدولة عظمى، خاصة أنها لم تقدم أى دليل على أن معدات شركة “هواوى” تشكل تهديدًا لأمنها القومى، معتبرة أن إثارة مثل هذه المخاوف هدفها تحقيق “مصالح ذاتية”.
فيما قال الرئيس ترامب أن المفاوضات صعبة ومعقدة، مشيرًا إلى احتمالية استمرار الرسوم الجمركية على الواردات الصينية بقيمة 50 مليار دولار أمريكي في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، ما جعل العالم يحبس أنفاسه مرة أخرى، نظرًا لأن ذلك الصراع يكبل حركة التجارة العالمية ويؤدي إلى خسائر كبيرة في بعض الدول، خصوصًا في المصادر الطبيعية مثل الفحم والغاز والنفط.
ويرى محللون أن الحملة ضد هواوي جزء من حرب تجارية بدأها الرئيس دونالد ترامب، عندما دعا إلى زيادة التصنيع على الأراضى الأمريكية، وفرض رسوم عالية على البضائع الصينية لمواجهة المنافس الصينى العنيد، مؤكدين أن الإجراءات الأمريكية تهدف لدعم شركة آبل المنتجة لهواتف آيفون بعد تراجعها للمركز الثالث عالميًا خلف الشركات الصينية، ومخاوف أمريكية من هيمنة الصينيين على تقنية اتصالات الجيل الخامس.
وعلى المستوى الشعبي، قال تشين يونج الشهير باسم “كريم”، أمين عام رابطة التبادل العربي الصيني، إن بلاده تعتمد طول الوقت على سياسة النفس الطويل والحوار، لأنها لا تريد أن تنشغل بما يعيق استمرارها في التقدم والنمو، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تريد إلحاق الضرر بالصين ومحاولة احتوائها لمنعها من الاستمرار في التقدم والتنمية، معبرًا عن أمله أن تنجح المفاوضات الجارية حاليًا .
وأضاف في تصريحات خاصة لـ “تاق برس” على هامش جلسات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أن الولايات المتحدة عملت على تسييس الصراع التجاري، خصوصًا بعد القبض فى كندا على مينج وان تشو، المديرة المالية لـهواوى، بناءً على مذكرة أمريكية تتهمها بالتجسس وخرق العقوبات على إيران، الذي اعتبره إجراء غير حضاري من دولة عظمى بحجم أمريكا، مشيرًا إلى أن هواوي صرح تكنولوجي استفادت منه دول كثيرة على مستوى العالم.
وتضخ بكين مئات المليارات فى خطة تهدف إلى تصدر الذكاء الاصطناعي وصناعات الروبوتات والسيارات الكهربائية ورقائق الكمبيوتر، فيما تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على تفوق الشركات الأمريكية، من خلال شن حروب سياسية وأمنية وإعلامية ضد المنتجات الصينية التى تجتاح الأسواق العالمية، وتجسد طموحات الصين لتصبح قوة مهيمنة على أكبر حصة ممكنة من قطاع التكنولوجيا عالميًا.