ضياء الدين بلال … إيلا والكاش!
-1- حتى لا أظلم أحداً يُمكنني القول: لا أذكر اسم وزير أو مسؤول، ردَّ الفضل إلى أهله بالتصريح أو التلميح، إن سلفه أنجز عملاً مُحدَّداً يستحقُّ عليه الشكر والثناء.
جميعهم تجدهم يستأثرون بالخير لأنفسهم، ولا يَذكرون سلفهم بأنه فعل ما هو مفيد، أو أنه ترك لهم ما يستحقُّ البناء عليه والإضافة.
ربما هي حالة سودانية عامة، تتجاوز السياسة إلى كُلِّ ما هو عام، مصدرها الأنانية وحب الذات .
قليلون من يردُّون الفضل إلى الدكتور عبد الحليم المُتعافي، لإدخاله القطن المُحوَّر الذي يُعدُّ الآن طفرة زراعية أحدثت حالة رضا كبير للمُزارعين، تجد ثمارها في العوائد المالية وإعادة الرُّوح لمصانع النسيج والمحالج، وإرجاع الاعتبار للذهب الأبيض بعد كساد وبوار .
وأقل منهم مَنْ يذكرون أن وزير المالية بدر الدين محمود، كان له الفضل في إلزام كُلِّ أجهزة الدولة بالعمل بأورنيك 15، وما ترتَّب عليه من إغلاق غالب منافذ تسرُّب المال العام .
-2-
ذكرت ذلك لحثِّ الدكتور محمد طاهر إيلا رئيس الوزراء، على ضرورة الحفاظ على مجهودات سلفه السيد معتز موسى في إلزام كُلِّ الأجهزة والدواوين الحكومية بالعمل بالدفع الإلكتروني، وإلا ستحدث انتكاسة في ذلك المشروع المُهم والحيوي والضروري .
السياسات الخاطئة والمُتخبِّطة تسبَّبت في هروب الأموال من البنوك والاحتفاظ بها في المنازل والمكاتب والمتاجر.
كثيرون من أُولي البسطة المالية سارعوا للحفاظ على قيمة أموالهم بشراء العملات الأجنبية، حتى لا يمرَّ عليهم كُلُّ صباح وهي في تراجع وانخفاض، إلى أن تصبح أوراقاً بلا فائدة ولا جدوى.
-3-
صحيح أن هناك انحساراً نسبياً في صفوف المواطنين أمام الصرافات الآلية، لكنَّ الأزمة لا تزال قائمة، طالما أن هناك سعرين للبضائع والعملات بالكاش والشيك؛ بل العملة الوطنية في ذاتها أصبحت سلعةً تُباع وتُشترى .
إن رغبة الحكومة في حلِّ مشكلة السيولة النقدية لإنهاء مظاهر الأزمة بطباعة أوراق مالية من الفئات الكبيرة وتغذية الصرافات بها كُلَّ صباح، يجب ألا تشغلها عن المضي بإصرار وحماس في ترسيخ ثقافة التعامل بالدفع الإلكتروني وخدمات الموبايل.
-4-
مهما طبعت الحكومة من نقود بأعلى الفئات، وبأسرع المعدلات (رب رب رب)، فلن تحلَّ مشكلة السيولة النقدية.
التعاملات المالية في غالب دول العالم في أبسط الحدود، تتمُّ عبر الخدمات الإلكترونية، وانتهت فيها أزمنة التعامل عبر الكاش.
صحيح أن الحكومة لجأت للترويج للدفع الإلكتروني، بعد استحكام أزمة السيولة، ولم تُبادر بجدية قبل ذلك حتى يتم الانتقال بصورة سلسة دون تعقيدات وأجواء نفسية سالبة.
-5-
الخوف أن ترتدَّ الحكومة في ظل هذه الأجواء السياسية المشحونة، عن السير في الاتجاه الصحيح أو تبطئ المسير تجاه إكمال مشروع الدفع الإلكتروني.
لن تجد الحكومة من يودع أمواله في المصارف – دون حاجة مُلحَّة – إذا لم يشجعه على ذلك وجود خدمات مصرفية جاذبة مُتعلِّقة بالتمويل العقاري والسيارات والتعليم وغير ذلك من الخدمات المصرفية، إضافة إلى وجود شبكة دفع إلكتروني واسعة أو عبر الموبايل، تشمل غالب تعاملاته المالية اليومية.
الحل الناجع والعاجل الذي سيعيد الكتلة النقدية إلى المصارف وينقذها من التلاشي، هو الإعلان عن الغاء التعامل بفئة الخمسين جنيها واعلان فترة محددة لاستبدالها، لان ٨٠٪ من النقود الورقية المخزنة من هذه الفئة.
-أخيراً-
فليكمل محمد طاهر إيلا ما بدأه معتز موسى، ويُضيف إليه تعميم التعاملات الإلكترونية والهاتفية المالية على القطاع الخاص في جميع مُستوياته.
وستكون خطوة مهمة إذا تم ربط كُلِّ الرخص التجارية الجديدة والمُجدَّدة بوجود الدفع الإلكتروني وعبر الموبايل، حتى تصبح الأوراق المالية مع مضيِّ الأيام وتطوُّر الحياة ذات قيمة أرشيفية فقط، يسعى لجمعها هواة الطوابع والعملات.