سمية سيد : التضخم … الحقيقة والخيال !!
الأسبوع المقبل تجتمع اللجنة الاقتصادية بالبرلمان بالجهاز المركزي للإحصاء لمناقشة الانخفاض الكبير في معدلات التضخم.
الطبيعي كان هو استدعاء البرلمان لجهاز الإحصاء بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وليس العكس.. لكن جهاز الإحصاء أعلن عن انخفاض غير منطقي لمعدل التضخم خلال يناير المنصرم مقارنة بشهر ديسمبر حيث انخفض إلى 43.45% بدلا عن 72.94% أي بأقل من 40% في ظرف 30 يوماً.
فهل هذا الانخفاض الكبير جاء بقرار سياسي أم أن هناك عوامل اقتصادية أدّت إلى ذلك؟ إذا افترضنا حسن النية في الحكومة، وأنها لا تفترض أن برؤوسنا (قمبور)؛ فإن سلع قياس التضخم لم تسجل أي انخفاض في الأسعار.
عدم وجود كاش أدى إلى ركود كبير وواضح في أسواق السلع. حتى اللحظة الحكومة لم تتخذ أيَّ حلول اقتصادية يمكن إن تقود إلى خفض معدلات التضخم.. بل إن كل السياسات والإجراءات المتبعة ما هي إلا محفز لارتفاع معدلات التضخم، بدءا من ارتفاع قيمة الدولار الجمركي من 18 جنيها إلى 47.5 جنيه، مع العلم أن معظم السلع الاستهلاكية تأتي من الاستيراد من الخارج، وحتى المنتجة محليا، مرتبطة ارتباط مباشر بسعر صرف الدولار.. فمن أين جاء انخفاض الأسعار؟
الحكومة فشلت في المحافظة على قيمة الجنيه السوداني، مثلما فشلت في تشجيع الإنتاج وخفض تكلفته خاصة في قطاعي الزراعة والصناعة أو إتاحة الفرصة لدخول منتجين جدد بما يزيد من إنتاج السلع ويرفع درجة المنافسة.
الآن معظم المصانع مغلقة وكثيرٌ منها في طريقها للخارج خاصة التي يملكها أجانب.. فكيف تنخفض أسعار السلع؟ الدولة فشلت في اتخاذ أي إجراءات حمائية في الأسواق عبر الرقابة، تقود إلى خفض أسعار السلع.. حماية المستهلك تركت مهامها الأساسية وأصبحت تطارد صغار المنتجين وتداهم المصانع بحثا عن مخالفات تقود إلى محكمة المستهلك لتفرض غرامات ضخمة تحقيقا لربط مقدر عليها شهريا أو سنويا.. فكيف تنخفض الأسعار؟.
في الواقع، لا توجد خطة واضحة لخفض معدلات التضخم، ولا تمتلك الحكومة الأدوات التي تقود إلى ذلك. الأسواق تعيش فوضى معلومة للجميع وارتفاع كل أسعار السلع وتسجيلها لتصاعد مستمر بشكل يومي، رغم الوفرة التي حققها موسم الشتاء خاصة في الخضروات.
انخفاض التضخم بهذه النسبة غير المتوقعة، إما لأسباب سياسية أو أنها جاءت جراء حساب مؤشرات خاطئة بعيدة عن الواقع المعاش . ليت الجهاز الإحصائي يأتي بمبررات مقنعة لأسباب انخفاض معدلات التضخم.
