وكيل قطاع الكهرباء يعلن استقالته ويكشف حقائق صادمة عن الازمة في اعترافات واتهامات صريحة للحكومة
الخرطوم “تاق برس” – قال وكيل قطاع الكهرباء في السودان خيري عبدالرحمن انه تقدم باستقالته؛ من منصبه منذ 21 فبراير الماضي واعلنها امس 6 ابريل.
وكشف عن عجز وزارة المالية توفير التزاماتها تجاه وقود تشغيل محطات الكهرباء.
وكشف خيري في توضيح جملة من الحقائق لكافة المواطنين كأصحاب حق أولا ومن واجب الالتزام بالشفافية كما قال في بيان اطلع عليه “تاق برس”.
وقال “للذين يظنون خطأً كان او سوءً أو إثما” أن الكهرباء تغطي تكاليفها من دخل التعرفة سواء كان بالدفع المقدم أو الآجل، أن هذا غير صحيح حتى بعد كل الزيادة المضاعفة التي تم تطبيقها في بداية هذا العام.
واكد أن وزارة المالية على علم تام بهذه الحقيقة وهي التي قادت فريق مراجعة كل حساباتها ومن ثم شاركت في اعداد ميزانية قطاع الكهرباء لعام 2021م متضمنة تطبيق التعرفة الجديدة، وتوصلها لوجود عجز بعد زيادة التعرفة يصل الى 115 مليار جنيه سوداني وعلى ضوئه التزمت هي بتغطية قيمة الوقود المستورد (باخرتين شهرياً) بحد أقصي يبلغ 101 مليار جنيه للعام على ان يدبر قطاع الكهرباء حاله في بقية مبلغ العجز وهو 14 مليار جنيه.
وقال خيري إن تلك الأرقام توضح جلياً أن التعرفة الجديدة وعلى ارتفاعها لم تغطي سوى جزء من العجز الكلي الذي وقع على قطاع الكهرباء منذ تفتته “عمداً مع سبق الإصرار والترصد” الى شركات عقب إلغاء الهيئة القومية للكهرباء وتضاعف تكلفتها الإدارية وتشتت جهودها الفنية.
وابدى خيري اسفه من أن تعجز الدولة مجدداً ممثلة في وزارة المالية عن التزاماتها تجاه وقود الكهرباء، كاشفا عن انه لم تدخل حتى اليوم سوى 40 الف طن وقود فيرنس من جملة 240 الف طن لشهور يناير فبراير ومارس، وأضاف “دع عنك غياب التدفقات المالية الشهرية التي تستخدمها الكهرباء لشراء قطع الغيار ودفع مستحقات تعاقدات الصيانة السنوية والطارئة”، مؤكدا على انه لم يتم دفع الا ما هو اقل من 5 ملايين دولار من جملة 30 مليون دولار لنفس الشهور، ما أضاف عبئاً كبيراً على قطاع الكهرباء من حيث أهلية الماكينات للعمل بالصورة الممكنة هذا غير العمل بالطاقة القصوى.
وقال خيري في توضيحه، إن كل ذلك يكشف أسباب العجز الكبير الذي يقف عليه القطاع اليوم ويمثل نقص أكثر من ألف ميغاواط دون الطلب والحوجة وبالتالي اضطرار القطاع على جدولة القطوعات باستثناء تغذية المواقع الاستراتيجية والمستشفيات ومراكز العزل.
وقطع خيري بتعاظم الأزمة الناتجة عن القطوعات المبرمجة حيث تؤدي لأن يخسر قطاع الكهرباء الدخل المفترض عند انقطاع %50 من الكهرباء من فترة التخفيف، وكان ذلك الدخل قد تم اعتماده من ضمن مدخولات القطاع في ميزانية عام 2021م مع عجزها التكويني، مبينا في الوقت الذي تضاعف فيه هذه القطوعات من تكلفة التشغيل لأنها تزيد الحوجة الى اسبيرات جديدة كالمفاتيح والمحولات.
وأشار خيري الى أن التعرفة الجديدة كانت جزء ابتدائي من خطة متكاملة لإصلاح قطاع الكهرباء، وكان يجب أن يبدأ ذلك الإصلاح بإصدار قرار دستوري وزاري بإعادة تأسيس الهيئة السودانية للكهرباء “كيان حكومي موحد يعمل على توحيد كل الإدارات الاستراتيجية في كل شركات القطاع الحالية مثل التخطيط والمشروعات والمراجعة والقانونية والتدريب وغيرها، وفي نفس الوقت الاحتفاظ بالشركات التشغيلية متل التوليد والتوزيع والنقل مع هيكلتها لتخفيف اعبائها المالية واكسابها قدرات مرنة متقدمة لإدارة وتطوير نفسها”.
وتابع “للأسف الشديد تأخر كثيرا اصدار ذلك القرار الهام والذي تقدمت بطلبه شخصيا إلى مجلس الوزراء رسمياً في 7 سبتمبر 2020م مصحوباً بكافة المصوغات المهنية ومستفيدا من كافة توصيات الخبراء والزملاء المهندسين القدامى والجدد، وتمت متابعة طلب القرار باستمرار وبإلحاح إلى أن أكد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأنه في مراحل إصداره الأخيرة عند مخاطبته لمهندسي ومدراء إدارات وشركات وزارة الطاقة في يناير الماضي.
وزاد ” لكن يعود الأمر أدراجه لتبدأ الرغبة في دراسة جدواه من جديد ”.
وقال ان ذلك يأتي من ضمن خطط القطاع التي تمت مراجعتها وتحديثها وتتضمن الآن بناء محطات طاقة شمسية وطاقة رياح وتحديث شبكات النقل والتوزيع وزيادة محطات الإنتاج خارج الشبكة القومية (off-grid) مع التركيز على المناطق التي خضعت لويلات النزاعات الاجتماعية والعسكرية ويعاني أهلها الأمرين بسبب افتقاد مقومات الحياة الأساسية وعلى رأسها الكهرباء.
وقال خيري: طالبنا بالإصلاح التشريعي ليتيح مزيداً من الاستثمارات الوطنية الخاصة فاتحين المجال لتطبيق أحدث الضوابط الدولية للتعاقدات بأنظمة ال BOT / IPP / PPP وغيرها. بجانب التشريع للإنتاج الخاص الذي يشجع المواطنين على استخدام الطاقة الشمسية المنزلية مع الاحتفاظ بحقهم في استخدام الشبكة القومية أو ايفادها بما يفيض عندهم من انتاج خاص. فضلا عن فصل مركز الرقابة تماما عن القطاع ليصبح الجهاز الرقابي المستقل لضمان جودة خدمة الكهرباء وحقوق كافة الأطراف وعلى رأسها المستهلك ثم المستثمر ومحاسبة القطاع على أوجه القصور وتحميله مسئولية أي تقصير.
وقال خيري ان المخرج للوضع الحالي أن تضع الدولة فعلياً أهمية قصوى للكهرباء باعتبارها خدمة استراتيجية لها أولوية قصوي من أجل توفير اهم مدخلات الإنتاج في كافة زراعي، صناعي، تجاري وخدمي وأخيرا سكني لرفاه الناس.
وقطع خيري بانه لا يمكن لأي دولة ان تتحدث عن عزمها إحداث تغيير اقتصادي اجتماعي دون أن تضع أولوية قصوي للكهرباء واضاف “يجب ان تلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج والتوزيع الكهربائي، واكد أن ذلك كان ممكناً.
وزاد ” هنالك أمارات كثيرة رأيناها طيلة العام الماضي (ونحن نضغط على أنفسنا صبراً على عدم وضع الأولوية للكهرباء) لصرف بالملايين في مجالات لا توازي في أهميتها الكهرباء، واهدار الملايين من الموارد النفيسة والعزيزة لهذا الوطن الغني.
وقال خيري “كان من الممكن جداً أن تتقدم الدولة نفسها للمبادرة اولاً بوقف العديد من مظاهر الصرف الغير ضروري، وتتحمل قطع الامداد عن مكاتبها ومساكنها وعدم تشغيل الآلاف من المولدات ووقف عشرات العربات ووقف العديد من السفريات وغير ذلك مما يؤدي لتوفير المبالغ المطلوبة للكهرباء، وفي نفس الوقت يُظهر جدية الدولة في توفير هذه الخدمة الاستراتيجية للبلاد.
وقال “ان ما اراه يحدث اليوم وبكل أسف، هو اجترار النماذج البالية وغياب الإرادة القوية التي نحتاجها بشدة للخروج من مأزق الكهرباء اليوم وعليه لن يفيد تكرار الوعود بلا إسناد، ولن يُجدي إلقاء اللوم على الأفراد لإيجاد مبرر، ولا اطلاق الالتزامات إعلاميا إن لم يسبق كل ذلك الأداء العملي الواقعي الذي يبدأ قبل كل شيء بوضع الكهرباء كأولوية قصوى مع إشراك كافة أصحاب المصلحة والخبراء في توجيه دفتها عملياً بدلاً من الانزواء في منتجعات معزولة والزعم بوضع مشاريع لنجاح الخروج من مأزقها وتجاهل كل الجهود السابقة وكأن مخترع العجلة وصل مؤخراً.