بعد اتهامه بالعمالة لطرف ثالث .. السودان يرد على اثيوبيا بلهجة حادة.. اهانة بليغة ولا تغتفر
الخرطوم “تاق برس” – طالب السودان إثيوبيا بالكف عما اسماها “ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق”، في ظل أزمة الحدود المتصاعدة بين البلدين.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، اليوم السبت اطلع عليه “تاق برس”، إن السودان لا يمكنه أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة في بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود.
وأضافت الوزارة في بيانها أن “وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط في وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر”.
وشددت الوزارة على أن الخرطوم تؤكد على العلاقات والروابط التاريخية بين الشعبين السوداني والإثيوبي وحرصها الشديد على استمرار وتنمية هذه العلاقات وتسخيرها لمصلحة مواطني البلدين والدخول في شراكات مستقبلية تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي.
وتابع البيان يقول “وتود وزارة خارجية السودان أن تؤكد، خلافا لما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية، أن كل فئات الشعب السوداني وقيادته عسكريين ومدنيين موحدة في موقفها ودعمها الكامل لبسط سيطرة السودان وسيادته على كامل أراضيه وفق الحدود المعترف بها والتي تسندها الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لكن ما لا تستطيع وزارة الخارجية الإثيوبية أن تنكره هو الطرف الثالث الذى دخلت قواته مع القوات الأثيوبية المعتدية الى الأرض السودانية”.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان، إنها “تدين بأشد العبارات التصعيد والسلوك الاستفزازي لحكومة السودان فيما يتعلق بقضية الحدود بين إثيوبيا والسودان”.
وأشارت الوزارة إلى أن إثيوبيا تعتقد أن أي صراع بين البلدين لن يؤدي إلا إلى “أضرار جانبية جسيمة ويعرض رفاهية البلدين للخطر”.
وشدد البيان على أن الحكومة الإثيوبية “تؤمن إيمانا راسخا بأن الصراع الذي يروج له الجناح العسكري للحكومة السودانية لن يخدم إلا مصالح طرف ثالث على حساب الشعب السوداني”.
واعتبرت الوزارة أن لدى الحكومتين آليات كافية للتعامل مع أي مطالبات متعلقة بالحدود أو الأوضاع في الإقليم، كما اتهمت الجيش الوطني السوداني بانتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي والتسويات السلمية للنزاعات من خلال “غزو إثيوبيا بشكل غير رسمي” في أوائل نوفمبر 2020.
وشددت الوزارة: “خلافا لروح الصداقة والتعاون القائم بين البلدين الشقيقين، نهب الجيش السوداني الممتلكات وأحرق المعسكرات وهاجم وشرد آلاف الإثيوبيين وسيطر على المعسكرات العسكرية الإثيوبية التي تم إخلاؤها”.
وتابعت الوزارة أن “محاولة الجيش السوداني دفع الشعبين الصديقين في إثيوبيا والسودان إلى حرب غير مبرر وخطأ فادح ومن شأنه أن يقوض سلامهما واستقرارهما وتطورهما في البلدين بشكل خاص والمنطقة بشكل عام”.
وأكدت التزام إثيوبيا بالتسوية السلمية لمسألة الحدود، كما دعت “مرة أخرى حكومة السودان إلى الكف عن الاستفزاز واللجوء إلى تسوية سلمية لمسألة الحدود”.
وتشهد العلاقات السودانية الإثيوبية توترا متصاعدا منذ أسابيع على خلفية هجمات مسلحة على حدود البلدين تقول الخرطوم إنها نفذت من قبل مليشيات إثيوبية مسنودة بقوات حكومية على أراض سودانية.
بدورها، اتهمت إثيوبيا القوات السودانية بـ”الاستيلاء على 9 مناطق” داخل الحدود الإثيوبية و”انتهاك الاتفاق الموقع بين البلدين عام 1972 بشأن القضايا الحدودية وذلك بغزو الأراضي الإثيوبية”.
وهناك صراع بين بعض المكونات السكانية بمنطقة الفشقة الحدودية حيث يتهم سكانها السودانيون قبائل إثيوبية باستغلال هذه الأرض للزراعة لصالحهم في بعض مواسم العام.
ينشر تاق برس نص البيان الصادر من وزارة الخارجية السودانية…
وزارة الخارجية
إدارة الإعلام والناطق الرسمي
بيان صحفي
تود وزارة خارجية جمهورية السودان أن تؤكد بداية على العلاقات والروابط التاريخية بين الشعبين السوداني والإثيوبي والحرص الشديد من جانب السودان على استمرار وتنمية هذه العلاقات وتسخيرها لمصلحة مواطني البلدين والدخول في شراكات مستقبلية تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي.
لكن وفي ظل وجود مبعوث الاتحاد الأفريقي فى الخرطوم لمحاصرة التصعيد وتمكين السودان وإثيوبيا من حل الإشكال الحدودي، وبموافقة القيادة الإثيوبية على مهمة المبعوث، خرجت وزارة الخارجية الإثيوبية ببيان مؤسف يخون تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان، ويتنكر للتقدير المتبادل بين الشعبين، وينحط فى وصفه للسودان الى الإهانة التي لا تغتفر.
إن مسألة الحدود السودانية الإثيوبية لا يمكنها أن تكون أساساً للعدوانية التي تتصرف بها إثيوبيا. إذ أن هذه الحدود قد خُطِّطت ووُضِّعت عليها العلامات منذ العام 1903، بناءاً على اتفاقية 1902 بين بريطانيا التي كانت تشارك فى حكم السودان وبين الامبراطور منليك الثانى، والذي تم تخطيط الحدود بطلب وبتفويض موثق منه. وقد ظلت إثيوبيا منذ العام 1902مروراً بالأعوام 1903 و1907 و1955 إلى 1981 وما بعدها إلى الأعوام 2011 و 2013 تؤكد التزامها باتفاقية الأساس فى هذا الأمر. لكن وزارة الخارجية الإثيوبية تتجنى وتبتذل صورتها بالقول أنها لا تعترف بالاتفاقيات الاستعمارية. وغريب أن تصف منليك الثاني بالمستعمر. ماذا تريد الوزارة أن تقول للإثيوبيين؟ وأين إثيوبيا من قضية التحرر الأفريقي والوحدة الأفريقية والمنظمات والنظم التي تقوم عليها والقرارات المتخذة والمجمع عليها افريقياً لسد مداخل النزاعات الحدودية وفتح الطريق للتطور التنموي فى القارة؟ خاصة وأن ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية( الاتحاد الأفريقي) الذي خطه الآباء المؤسسون ينص على احترام الحدود الموروثة من الاستعمار.
إن الحدود السودانية الإثيوبية لم تكن قط موضع نزاع إلى أن جاء إلى وزارة الخارجية الإثيوبية من يسخرها لخدمة مصالح شخصية وأغراض فئوية لمجموعة محددة، يمضى فيها مقامراً بمصالح عظيمة للشعب الإثيوبي، وبأمنه واستقراره، وبجوار لم يخنه.
وإن كانت إثيوبيا جادة فى ادعاءاتها المستجدة فى أراضي سبق لها أن أقرت بسيادة السودان عليها، فإن عليها أن تمضي الى الخيارات القانونية المتاحة اقليمياً ودولياً، لا أن تهدد الأمن الإقليمي والدولي بالاضطراب الذى قد يجر إليه توظيف البعض للسياسة الخارجية لإثيوبيا لمصالحه الفئوية الضيقة. إن السودان يؤكد سيادته على الأرض التي تناقض إثيوبيا نفسها وتدعي تبعيتها لها، ويشدد أنه لن يتنازل عن بسط سلطانه عليها. بيد أنه يؤكد كذلك حرصه على تخطي الادعاءات الإثيوبية المستجدة وعودة إثيوبيا لاستئناف التزاماتها بالمعاهدات والمواثيق التى أبرمتها. والظن أن كل حادب على القانون والوفاء بالتعهدات، وكل حفيظ على الأمن والسلم يأمل أن تتصرف إثيوبيا بما يتفق والقانون والمصلحة العليا لشعبها، وبحسن الجوار مع بلد يسوؤه أن تقل قيمتها.
إن إساءة بيان وزارة الخارجية الإثيوبية للسودان واتهامه بالعمالة لأطراف أخرى هي إهانة بليغة ولا تغتفر. وهي إنكار مطلق للحقائق . وإن غاب عن وزارة الخارجية الإثيوبية تاريخ الإباء الوطني السوداني، فإنه ليس لها أن تنسى الثورة السودانية العظيمة التي قام بها السودانيون مؤخراً من أجل الحرية والعدالة والسلام. ومن يثور ويقدم التضحيات الكبيرة لهذه القيم لا يمكن أن يقترف العمالة، ولا يمكن لمن يقدمهم لقيادته أن يتصفوا بها، وتود وزارة خارجية السودان أن تؤكد- خلافاً لما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية – أن كل فئات الشعب السوداني وقيادته عسكريين ومدنيين موحدة في موقفها ودعمها الكامل لبسط سيطرة السودان وسيادته على كامل أراضيه وفق الحدود المعترف بها والتي تسندها الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لكن ما لا تستطيع وزارة الخارجية الإثيوبية أن تنكره هو الطرف الثالث الذى دخلت قواته مع القوات الأثيوبية المعتدية الى الأرض السودانية.
إن السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق، بل يفندها الموفف الإثيوبي التاريخي التقليدي نفسه، ويدعوها إلى إعمال المصلحة العليا للشعب الإثيوبي الشقيق واستخلاص سياستها الخارجية من التوظيف غير المسؤول الذي تتعرض له حالياً.
إن السودان لا يمكن ان يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام فيه وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود.
إن هذا وضع لا يستقيم ويرجو السودان أن تُغلِّب اثيوبيا إرادة السلام فى جميع تعاملها معه.
صدر في ٢٠ فبراير ٢٠٢١م