وزير الخارجية السابق الدرديري محمد احمد .. بعد صدور القانون الامريكي الجديد هل رُفعت العقوبات عن السودان؟!
اجاز الكونغرس الامريكي يوم الجمعة الماضي التشريع الامريكي المسمى “قانون التحول الديمقراطي والشفافية المالية في السودان لسنة 2020” ليحل محل قانون سلام السودان الذي كان يمنع استفادة السودان من مؤسسات التمويل الدولي. نبين في هذا المقال ان هذا القانون الجديد قد صدر لحرمان السودان من تحصيل الفوائد المرجوة من رفع إسمه عن قائمة الدول الراعية للارهاب. ونوضح ان المقصد الظاهر لهذا القانون هو اضعاف القوات المسلحة واقصائها عن دائرة الفعل السياسي اثناء الفترة الانتقالية على ما في هذه الفترة من مخاطر تتهدد وحدة السودان وسلامة اراضيه. كذلك نوضح ان المقصد الباطن لهذا القانون هو احكام سيطرة الحزب الشيوعي والمنظومة اليسارية على مسيرة الفترة الانتقالية، تحت ستار المدنية، دون انتخابات. بل هو مقصد لم يحفل القانون كثيرا بالتعمية عليه. وبالرغم من ان رفع اسم السودان لم يُصحب بصدور قانون آخر أكثر المتحثون باسم الحكومة الحديث عنه هو قانون “السلام القانوني” الذي كان مرجوا لتوفير حصانة قضائية للسودان من احكام المحاكم الامريكية بشأن تعويضات ضحايا برجي التجارة وغيرهم، الا انني لن اتطرق لذلك في هذا المقال فأؤجله ليوم آخر ان شاء الله. ومن ثم فانني اقصر هذا المقال على القانون الجديد واثره في استبقاء العقوبات التي رفعت اسما ورسما وبقيت عملا وواقعا. وقبل الخوض في ذلك دعنا نستعرض اهم ما جاء في هذا القانون.
بموجب هذا القانون يخول الكونغرس وزارة الخزانة الامريكية بصرف 130 مليون دولارا في السودان في العام 2021 لأغراض حماية الأمن الوطني الأمريكي، ذلك ان القانون المذكور قد اجيز ضمن تشريع اكبر هو قانون التفويض للدفاع الوطني الامريكي National Defence Authorization Act . لا شك في ضآلة المبلغ المذكور مقارنة باحتياجات السودان. بل لا شك في ضآلته حتى بالمقارنة مع المبلغ الذي جمع من السوق العربي على مدى اسابيع قليلة ليدفع لأمريكا والبالغ قدره 335 مليون دولارا. ويزداد هذا المبلغ تضاؤلا حين يقارن بالمبلغ الاجمالي الذي فوض التشريع الاكبر وزير الخزانة الامريكية بانفاقه لاغراض الدفاع الوطني الامريكي والبالغ قدره 732 بليون دولارا للعام 2021.
حدد قانون التحول الديمقراطي والشفافية المالية في السودان اربعة بنود لصرف هذه المائة والثلاثين مليونا هي ما يلي: (1)عشرون مليونا لدعم مؤسسات الحكم المدني والاحزاب (هكذا) والمجتمع المدني في السودان، (2) ثمانون مليونا لدعم الانتاج الزراعي والحيواني والتنمية الاقتصادية، (3) عشرون مليونا لدعم جهود المصالحة وبناء السلام، (4) عشرة ملايين لتعزيز قدرات التحري المدني لتوثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. وبالرغم من ضآلة هذا المبلغ والتضييق في تحديد اوجه صرفه، فانه يجوز للرئيس الامريكي وقف هذه “المساعدات” اذا قدر ان هناك متغيرات في تركيبة الحكومة السودانية تجعل الاستمرار في تقديمها غير ذي جدوى للمصلحة الوطنية الأمريكية.
غير ان اهم ماجاء في هذا القانون هو ما يتوجب على الادارة الامريكية اتخاذه عند رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب. فقد جاء في المادة 9(ب) منه انه عند ازالة السودان من تلك القائمة يدخل وزيرا الخزانة والخارجية (الأمريكيان) في مباحثات مع مؤسسات التمويل الدولية، وكذلك الدائنين على المستوى الثنائي، للاتفاق على جدولة ديون السودان او الغائها وفقا لمبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، وذلك عقب تقديم شهادة من الرئيس الامريكي للجان المختصة بالكونغرس تفيد بما يلي:
اكتمال سيطرة المدنيين على اموال واصول الاجهزة الامنية والاستخبارية السودانية.
ادخال انفاق الاجهزة الامنية والاستخبارية السودانية ضمن ميزانية عامة شفافة.
تحديد الاسهم المملوكة للاجهزة الامنية والاستخبارية السودانية ووضعها تحت السيطرة المدنية.
وقف تدخل الاجهزة الامنية والاستخبارية السودانية في تجارة البترول والذهب.
ممارسة الشفافية بشأن أي موارد محفوظة بالخارج offshore تسيطر عليها الاجهزة الامنية والاستخبارية.
كذلك تنص المادة المذكورة من القانون على انه عند ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب يصدر وزير الخزانة توجيها لممثل الولايات المتحدة في كل المؤسسات المالية الدولية لاستخدام صوت الولايات المتحدة لمنع المؤسسة المعنية من تقديم اي قرض او تمويل او ضمان للسودان مالم تتلقى لجان الكونغرس المختصة شهادة من الرئيس الامريكي تفيد بما يلي:
تولي رئاسة المجلس السيادي بواسطة شخص مدني في موعد لا يتجاوز مايو 2021.
اكتمال تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وفقا للوثيقة الدستورية.
اجراء السودان انتخابات حرة ونزيهه. واذا ما قدمت الشهادة قبل اجراء تلك الانتخابات، تُضمن بدلا عن ذلك افادة بان الحكومة السودانية قد اتخذت الخطوات اللازمة لتعزيز الفضاء المدني واجرت التعديلات المطلوبة في قانوني الامن الوطني والقوات المسلحة لانهاء الحصانة التي تمنع مقاضاة العسكريين امام المحاكم المدنية.
ولكي تكتمل الصورة عن مقاصد هذا القانون التي اشرنا اليها اعلاه نعود القهقري لمارس من هذا العام الذي هو تاريخ ايداع مسودة القانون المذكور لدى مجلس النواب لننظر من اعدها ومن اودعها ومن هو الذي اشترط هذه المطلوبات التي لابد من انطباقها قبل استفادة السودان من رفع اسمه من القائمة الامريكية.
قدمت مشروع هذا القانون لمجلس النواب في 6 مارس 2020 لجنة من قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي معروفة بمواقفها المتحاملة والعدائية تجاه هذه المنطقة وحمولاتها القيمية والثقافية. فقد ترأس تلك اللجنة ايليوت انجيل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الذي هو ديمقراطي يهودي عرف بمساندته القوية لدويلة اسرائيل وبوقوفه ضد الاتفاق النووي مع ايران وبالوقوف ضد تنحية ترمب. وبسبب اتخاذه هذه المواقف التي لا تتسق مع السياسة العامة للحزب الديمقراطي سقط انجيل في الانتخابات الداخلية لحزبه الذي قدم بدلا عنه للانتخابات العامة الاخيرة ناظر مدرسة امريكي اسود هو جمال بومان فاز فوزا كبيرا في نوفمبر الماضي بأحد مقاعد مجلس النواب عن نيويورك. ومن اعضاء اللجنة مايكل ماكول الجمهوري من تكساس الذي هو الرئيس المشارك لمجموعة الكونغرس حول السودان وجنوب السودان والمعروف اجمالا بمواقفه المتطرفة من مختلف مسائل السياسة الخارجية الامريكية. ومن ذلك مساندته مخطط ترامب لبناء الجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك ودفاعه عن استمرار التأييد الامريكي للتدخل العسكري في اليمن. كذلك شملت عضوية اللجنة النائبة كارين باس الديمقراطية السوداء التي زارت السودان مؤخرا. كانت كارين باس من النجوم الصاعدة في سماء مجلس النواب. غير ان حظوظها قد اخذت في التراجع ففقدت في العام 2018 رئاسة كتلة الكونغرس السوداء Congressional Black Caucus، ثم تم تخطيها في معركة الزعامات النسوية الديمقراطية حول رئاسة مجلس النواب وذلك حين اختيرت للمنصب نانسي بيلوسي. مؤخرا خسرت باس المعركة المستترة للتأهل لمنصب نائب الرئيس في حملة بايدن، والتي جاءت زيارتها للسودان ضمن مساعي تعزيز فرصها فيها، اذ تم تخطيها للمرة الثانية باختيار بايدن لكاميلا هاريس. بعدها تزايد بالطبع عدد المتبنين co-sponsors لمشروع القانون فشمل اشتاتا من الناس. اذا كانت هذه هي اللجنة المتحاملة التي اودعت مشروع القانون، فمن هو يا ترى الذي قدم لها كل هذه المعلومات التفصيلية عن طبيعة الصراع السياسي في بلادنا وطلب منها وضع هذه الاشتراطات الدقيقة وجعلها قيودا تحول دون استفادة السودان من رفع اسمه من قائمة الارهاب. يقول محققو الشرطة اذا أردت معرفة المجرم فأبحث عن المستفيد من الجريمة.
بالرجوع للربع الاول من هذا العام نجد ان اكثر ما شغل الناس فيه كان هو موضوع البعثة الأممية وطلب حمدوك لاستقدامها المقدم في 27 فبراير للأمين العام للأمم المتحدة من وراء ظهر مؤسسات الحكم القائمة. وقتها كان الحزب الشيوعي في عنفوان فورته منهمكا في اختطاف التغيير لصالح اجندته. فجعل من مكتب رئيس الوزراء معقلا لكوادره الناشطين في التواصل بالامم المتحدة والسفراء الغربيين لتحديد اولويات الانتقال وكيفية انجازها وفقا لما يريده الحزب. وحيث انه كان قد اشتد اوار الصراع بين العسكريين والمدنيين داخل اروقة الحكم فقد اشيع القول حينها ان نشاط شركات القوات المسلحة في قطاعات اقتصادية مهمة هو سبب فشل الحكومة في المجال الاقتصادي. فاطلقت قوى اليسار هذه الدعوى بديلا للحديث عن استعادة اموال الاسلاميين الذي فقد مصداقيته وقدرته على اقناع الجماهير. ويبدو انه في هذا السياق رؤي ان اكتمال خروج الجيش من سدة السلطة وتجريده من موارده ينبغي ان يكون شرطا لازما لاطلاق التمويل الدولي بعد رفع اسم السودان من القائمة الامريكية. فبعد ان فشلت الضغوط الداخلية في تحقيق هذه الغاية قرر الحزب الشيوعي الاستعانة بالهراوة الامريكية! ومن ثم قدمت كوادر الحزب المادة الرئيسية التي تضمنها هذا القانون للسفراء الغربيين لضمان صدور القانون على نحو يتوافق واولويات الحزب الشيوعي ومشروعه للتمكين. انظر كيف ان القانون لم يجعل اجراء الانتخابات شرطا لازما لاطلاق يد مؤسسات التمويل، ذلك بان جعل لها بديلا هو انهاء حصانات العسكريين من المقاضاة امام المحاكم المدنية! فهل من سبب يجعل اجراء الانتخابات مساويا لانهاء الحصانات العسكرية الا مصلحة الحزب الشيوعي في تأجيل اجراء الانتخابات وتعجيل انهاء الحصانات!
بقي ان نقول عرّف قانون الانتقال والشفافية مؤسسات التمويل الدولي التي يتوجب على ممثلي الولايات المتحدة فيها الامتناع عن التصويت لتمويل للسودان. فشملت تلك المؤسسات صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، المؤسسة الانمائية الدولية IDA، مؤسسة التمويل الدولية، البنك الامريكي للتنمية، البنك الآسيوي للتنمية، المؤسسة الامريكية للاستثمار، البنك الافريقي للتنمية، البنك الاوروبي للتنمية والتعمير، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار. وحيث ان قرارات هذه المؤسسات تتخذ باغلبيات مطلقة تصل احيانا لنسبة 85%، وحيث ان نسبة اصوات الولايات المتحدة وحدها تكفي في غالب هذه المؤسسات لتعطيل القرارات التي لا تؤيدها امريكا، وحيث انه اذا لم تكفي اصوات امريكا وحدها لتحقيق الغاية فاصوات حلفائها من كبار مالكي اسهم هذه المؤسسات كبريطانيا وهولندا متاحة دوما، فان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت يعني حرمان السودان ابديا من اي فرصة لاعفاء ديونه او للاستفادة من التمويل الذي تقدمه هذه المؤسسات. وهكذا يتضح لنا ان ماتم من رفع لاسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب كان مجرد حيلة لضمان انضمام السودان لقافلة التطبيع دون ان يتغير شيئ في العقوبات نفسها الا اسميا.
كذلك عرّف القانون الاجهزة الامنية والاستخبارية السودانية تعريفا واسعا قصد به الى الحاق اكبر الاذى بالمؤسسة العسكرية وعدم استثناء ايا من وحداتها. فعبارة الاجهزة الامنية والاستخبارية، وبحسب القانون، تشمل القوات المسلحة السودانية، قوات الدعم السريع، قوات الدفاع الشعبي، قوات الشرطة، جهاز الامن والمخابرات، هيئة التصنيع العسكري وكل الجهات ذات الصلة بها، واي قوات شبه نظامية. وبالرغم من انه لا مشاحة في فرض الرقابة البرلمانية على انفاق الجيش وموارده، بل يعد ذلك هو الاصل، الا انه لا يجوز منع الجيش من ادارة الاستثمارات في مجالات عديدة مرتبطة بالمجهود العسكرى بشكل مباشر او غير مباشر. بل يفعل الجيش الامريكي نفسه ذلك، وكذلك تفعل اجهزة المخابرات الامريكية. فقيمة استثمارات الجيش الامريكي في صناعة الطائرات ومجالات التكنولوجيا والاسهم التي تحوزها في الشركات العملاقة العاملة في هذه المجالات تقارب الترليون دولارا. فكيف والحال هذه يمتنع مثل هذا النشاط على هيئة التصنيع الحربي التي يلزمها القانون الامريكي وفقا للمادة 9(ي)(3) منه “بتحديد كل اسهمها في الشركات العامة والخاصة وتحويلها لوزارة المالية”! مهما يكن قد لا تكون هناك غضاضة في ان تجعل امريكا خروج الجيش من مثل هذه الاستثمارات شرطا لمساعداتها الثنائية، فهذا شأنها في تقديم مساعدتها. هذا بالرغم من ان امريكا لم تجعل ذلك شرطا لتقديم مساعداتها الكبرى لبعض دول جوارنا القريب المعروفة بقوة شركات الجيش فيها والتي تدير اصولا بالمليارات. اما ان تجعل الولايات المتحدة ذلك سببا لمنع مؤسسات التمويل الدولي متعددة الاطراف من تمويل السودان فهذا ما لا تجوز تسميته الا بالابتزاز او السطو في رائعة النهار broad day light robbery.
كنت قد كتبت مقالا في 20 اكتوبر الماضي اوضحت فيه ان الطريق التي تسلكها الحكومة الراهنة لن تقود الى رفع العقوبات. وقد اوضحت ان الطريق السبيل الاقصر الى ذلك كان يتمثل في مطالبة الولايات المتحدة باتخاذ قرار تحت المادة 620(أ)(2) من قانون العون الاجنبي الامريكي، بسبب تغيير القيادة السياسية في البلاد، بتفعيل المسار السريع الذي يقود لرفع العقوبات دون ادنى شروط. قلت ذلك ولم اكن ادري انه بينما كانت الادارة الامريكية تحرص على فرض شروط تحول دون استئناف تمويل السودان كانت حكومتنا تطالب بتفصيل تلك الشروط على مقاس مكونها المدني اوقل على مقاس الحزب الشيوعي. وقد حذرت حينها من ان مجرد انقضاء الايام الخمسة والاربعين ورفع العقوبات تلقائيا لن يقود لاستفادة السودان من مزايا رفع اسمه من قائمة الارهاب. واقتبس من مقالي ذلك: “ان قانون سلام السودان يفرض على الادارة الامريكية عدم التعاون مع الحكومة السودانية ماليا الا في الحدود الواردة فيه وللاغراض المذكورة فيه. ومن ثم مالم يلغ الكونغرس الأمريكي ذلك القانون او يعدله فانه على الارجح لن تتمكن الادارة الامريكية من توجيه ممثليها في صندوق النقد الدولي او البنك الدولي او غيرهما من المؤسسات المالية الدولية للتصويت لصالح تمويل السودان او اعفاء ديونه”. قلت ذلك وما كنت ادري ان حكومتنا لا تفاوض على الغاء قانون سلام السودان وانما تسعى لاستبداله بقانون اسوأ منه يمكنها من ان تستنصر بالاجنبي على جيشها الوطني.
اذا كان الحزب الشيوعي قد نجح في الماضي في اطباق العقوبات الامريكية على السودان، وفقا لاعترافات سارت بها الركبان، لأكثر من ربع قرن فها هو ينجح هذه المرة في ربط رفع العقوبات بخنق المؤسسة العسكرية. تلك المؤسسة القومية التي اثبتت على مر التاريخ، بكل ما لها وما عليها، انها حصن السودان الذي يحتمي به عند الشدائد. فبموجب هذا القانون لن ترفع العقوبات الامريكية من الناحية الفعلية الا بعد تصفية موارد المؤسسة العسكرية ومنعها من الاستثمار واقصائها تماما عن المشهد السياسي في فترة الانتقال هذه على ما فيها من مخاطر. غير ان ما فات على الحزب الشيوعي، الذي لا شك انه يحتفل اليوم فرِحا بما انجز من عمالة فاضحة للامبريالية الامريكية، ان السودان سيشقى لربع قرن آخر بهذه القيود الجديدة التي كبلها به العم سام بتواطئ بعض بنى السودان معه للمرة الثانية. بل فات على الحزب الشيوعي انه سيفشل هو نفسه في رفع هذه القيود مستقبلا ولو اراد. فقد اخذت امريكا بالشمال ما اعطته باليمين ورفعت الاقلام وجفت الصحف.
الخرطوم، 14 ديسمبر 2020