أحمد يوسف التاي: من ينصف فيصل محمد صالح؟
نبض للوطن
(1)
منذ أن تولى الأستاذ فيصل محمد صالح وزارة الإعلام ظل الرجل هدفاً للهجوم والإنتقادات الموضوعية وغير الموضوعية التي تصل أحياناً حد التجني، وكل تلك السهام كانت ولاتزال تأتيه من كنانة زملاء المهنة، وآخر هذه الإنتقادات سيجدها القاريء الكريم بالداخل ضمن حوار مُميَّز مع الكاتب الصحفي المُميّز الأستاذ محجوب عروة ناشر صحيفة السوداني الدولية… عروة بالطبع ليس وحده بل عدد كبير من الصحافيين لم تفتر أسنة أقلامهم عن توجيه الإنتقادات الحادة لفيصل والتي تصفه أحياناً بـ (الريكوردر) وأحياناً يشبهونه بـ (أحمد بلال)…لكن الذي يلقي نظرة موضوعية لمجمل هذه الإنتقادات سيجد أن غالبيتها إنحرفت عن الموضوعية بالمرّة..
(2)
الصحافيون والإعلاميون يريدون من فيصل تذليل كافة العقبات والمشاكل المتراكمة خلال أقل من عام وتحسين بيئة الإعلام والمؤسسات الصحافية مثل المسؤول الذي ما أن يصل إلى المنصب حتى تتوالى عليه مطالب أهله وعشيرته فإما أن يستجيب، أو هو (كعب) ومتنكر لأهله ، والناشرون كذلك يريدون من فيصل الإعفاءات الضريبية والجمركية ،فإن لم يفعل فهو قد تنكر لأهل القبيلة يجب (ردمه) فهؤلاء جميعاً يريدون منه أن يجعل الدولة كلها منحازة للصحف فقط ، بينما المطلوب من فيصل والإعلام كله أن ينحاز للقضايا القومية مثل قضايا السلام والأمن القومي والتنمية وتعزيز الوحدة الوطنية قبل الإنحياز للإعلام وقضاياه ، فالقضايا القومية الإستراتيجية الكبرى هي الأصل والأولى بالنظرة الشاملة وقضايا الإعلام هي فرع وجزء من كل ، والأصل أولى من الفرع ولهذا أقول أن معظم تلك الإنتقادات الموجهه لفيصل من زملائه ليست موضوعية….
(3)
وفي رأيي أن عدم الموضوعية يكمن في النظرة إلى مشاكل الإعلام وقضاياه بمعزل عن مشاكل السودان الحالية وأزماته المستعصية، وإذا كانت خزينة الدولة غير قادرة على توفير الأدوية المنقذة للحياة، وعاجزة عن توفير الوقود والخبز والأشياء الضرورية لحياة الناس فكيف لفيصل أن يجعل كل همه هو تخفيض الضرائب والجمارك ومدخلات الإنتاج للناشرين بينما شعب بلاده يتضور جوعاً والناس يموتون بسبب إنعدام الأدوية وإرتفاع اسعارها فهو ضمن طاقم وزاري ليس له أن يُقدم القضايا الفرعية على القضايا الملحة التي تعني الوجود أو عدمه، والقضايا القومية الأكثر إلحاحاً..
(4)
إذا كان المطلوب من كل وزير مختص أن يعزف بمفرده ويغرد في سربه الخاص وينحاز لأهل قبيلته ويرضيهم ويترك الآخرين فلاداعي لعمل المنظومة المتكاملة التي يجب أن تقدم الإستراتيجي على ما سواه ، والأهم على المهم، والتي يجب أن توجه جهودها نحو الحلقات الأضعف..الحقيقة التي يأباها الصحافيون والناشرون هي أن الصحافة اليوم ليست مؤثرة ولن تفيد الدولة ولا المجتمع بالقدر الذي يُروج له فطباعتها نزلت إلى الحضيض ونسب توزيعها تدنت بصورة مخجلة ولهذا هي ليست ذات أثر، فإن دعمتها الدولة أم لم تدعمها فلن يغيِّر ذلك في الأمر شيئاً، والآن الصحافة ستمضي إلى زوال لتحل محلها الصحافة الإلكترونية، وحتى لو دعمتها الدولة فإن هذا الدعم سيذهب إلى جيوب ناشرين ، ولن ينال منه الصحافيين شيئاً…
(5)
أعود وأقول عرفتُ الأستاذ فيصل صحافي مهني إلى حد الحياد ، وجريء وموضوعي إلى أبعد الحدود ، معارضته الشرسة لنظام (الكيزان) لم تفقده هذه الموضوعية، وفي رأيي أن موضوعيته هذه هي التي جلبت له سخط الزملاء الذين يريدونه منحازاً للصحافة وحدها، وهذا النقد غير الموضوعي يؤكد أن فيصل ظل كما هو موضوعي ومهني غير منحاز ولامتحيّز…… اللهم هذا قسمي فيما املك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.