مدنيون في السودان يكسرون الحواجز مع إسرائيل.. تعرف على التفاصيل
الخرطوم “تاق برس” – يستعد رجل الأعمال السوداني أبو القاسم برطم لتنظيم رحلة تثير جدلا إلى إسرائيل، تضم أربعين سودانيا من مختلف فئات المجتمع لتعجيل التطبيع بين بلاده والدولة العبرية.
في فناء منزله الذي تشبه واجهته البيت الأبيض مقر الرئاسة الأمريكية، يقول برطم (54 عاما) الذي يعمل في مجالي الزراعة والنقل: “سيكون معنا أساتذة جامعات وعمال ومزارعون وفنانون ورياضيون وبعض أتباع الطرق الصوفية”.
ولا يقيم السودان علاقات مع إسرائيل التي وقعت في سبتمبر اتفاقين لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين.
وتثير هذه الرحلة استغرابا في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا بسبب انقسام المواقف حول مسألة التطبيع مع إسرائيل، سواء بين الأحزاب السياسية أو داخل المجتمع المدني وحتى الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة في السودان عقب إسقاط الرئيس عمر البشير في أبريل 2019.
ويؤكد برطم، وهو أب لعشرة أطفال، أنه سينفق 160 ألف دولار على الرحلة المقررة في نوفمبر لمدة خمسة أيام.
“حاجز نفسي”
وحول الهدف من الزيارة، يوضح برطم وهو يرتدي زيا سودانيا تقليديا عبارة عن جلباب ابيض وعمامة أن “هناك حاجزا نفسيا بين السودانيين العاديين وإسرائيل، خلقه أصحاب الفكر الإسلامي أو اليساري أو القومي العربي ولابد من كسر هذا الحاجز النفسي”.
ويؤكد برطم أنه لم يسبق له أن زار إسرائيل وأنه لا يجري اتصالات مع سلطات هذا البلد.
لكنه يشير إلى أن لا شيء يمنعه من زيارة اسرائيل، بعدما شُطبت عبارة “يسمح لحامله بالسفر الي جميع البلدان عدا اسرائيل” من جواز السفر السوداني قبل 15 عاما.
وفي استطلاع للرأي أعده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أيد 13 % من السودانيين فقط إقامة علاقات دبلوماسية بين السودان وإسرائيل فيما عارض هذه الخطوة 79%.
ولا يظهر برطم اهتماما حثيثا بالقضية الفلسطينية، ويقول: “أنا أهتم بمصالح بلدي وأرى أن عداءنا مع اسرائيل قد أضر بنا.. بلدنا غني بالموارد الطبيعية ومع ذلك أصبحنا نتسول”.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمة عائدة بجزء منها إلى العقوبات المفروضة على هذا البلد المدرج على القائمة الأمريكية “للدول الراعية للإرهاب” منذ عام 1993 بسبب علاقة البلاد بمنظمات اسلامية مثل القاعدة التي أقام زعيمها السابق أسامة بن لادن في البلاد بين عامي 1992 و1996، مما حرم الخرطوم من الاستثمارات الخارجية ووضعها في عزلة.
ويرى رجل الأعمال السوداني: “أعتقد أن التطبيع سيفتح لبلادنا آفاق الاستثمار الغربي والحصول على التقنية الغربية، صحيح إسرائيل دولة صغيرة، ولكن يؤثر مواطنوها تأثيرا كبيرا على الاقتصاد الغربي في أوروبا والولايات المتحدة”.
انقسام
وفي حين يرى العسكريون في السودان أن الأمر يحقق مصلحة البلاد، يتخذ المدنيون في الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، موقفا أكثر حذرا.
ففي فبراير الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في أوغندا.
ومطلع الشهر الحالي، أكد الفريق محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس لقناة سودانية: “إسرائيل دولة متقدمة، والعالم كله يعمل معها.. من أجل تنميتنا نحتاج إلى إسرائيل”.
وتريد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يحذو السودان حذو الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الخرطوم لهذه الغاية في اغسطس.
إلا أن حمدوك، أكد حرصه بعد لقاء بومبيو على الفصل بين “إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع مع اسرائيل”.
وشدد في نهاية سبتمبر على أن “القضية (التطبيع) معقدة ولها العديد من الآثار وتتطلب مناقشة داخل مجتمعنا”.
وقد أثارت تصريحات حمدوك سخط برطم ما جعله يتهم الحكومة الانتقالية بغياب الرؤية.
ويعارض التطبيع أيضا مجمع الفقه الإسلامي أعلى سلطة دينية إسلامية في البلاد.
وقال الأمين العام للمجمع عادل حسن حمزة: “بحضور 40 عضوا من أعضاء المجمع البالغ عددهم 50 أصدرنا فتوى بعدم جواز التطبيع مع اسرائيل لأنها دولة محتلة للأراضي الفلسطينية (..) أعتقد أن الحكومة ستلتزم بهذه الفتوى”.
لكن برطم يرى أن زيارته ستساعد على بناء الثقة بين الناس وهو مصمم على المضي قدما بها.
ويؤكد: “مسألة التطبيع مع اسرائيل قضية سياسية وليست دينية.. أعلم أن رحلتي ستثير ردود فعل سلبية ولكن هذا لا يخيفني”.
(أ ف ب)