أجندة ..عبدالحميد عوض .. في وليمة عنقرة..!!
(1)
لا يكفي بيان الاعتذار الصادر من (لجنة مقاومة الحتانة) حول حادثة توجيه إساءة عنصرية ضد السيد الفريق شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة الانتقالي، أثناء وجوده في المنطقة، فالمطلوب من اللجنة أكثر من ذلك بكثير لتأكيد حساسيتها تجاه العنصرية والتنمر، وأقل ما يمكن أن تضيفه اللجنة لبيانها هو المساهمة في التحقيق والتقصي، وإرشاد الجهات المختصة للشخص المتورط في تلك الإساءات، وإن هي فعلت ذلك فلن يقل شأنها ولا ينتقص دورها وحقها الدائم في المراقبة، وفضح ما تراه عملاً مناهضاً للثورة.
كما أن تلك الخطوة ستجنبها -أو قل بعض ناشطيها – جريمة التستر على المتهم، وهي جريمة أخلاقية قبل أن تصير جنائية، وبدون شك أن المتهم معلوم لكثيرين ويجب ملاحقته ومطاردته وإن لم يلق جزاءه؛ فلن نأمن تكرار الحادثة مع الكباشي أو غيره، وذلك أول ما نقوله عن واقعة الحتانة، حرصاً على مناهضة العنصرية بأشكلها المختلفة غض النظر عن الشخص المستهدف، ويحمد لمفاوضات جوبا الحالية إقرارها سن تشريعات وقوانين جديدة ضد مرض العنصرية القديم، وكذلك يحمد لحزب المؤتمر السوداني مبادرته قبل أسابيع بتقديم مشروع قانون للحكومة في ذات الإطار ولنفس الهدف.
(2)
مع احترامي الشديد لكل الزملاء الإعلاميين الذين شاركوا في دعوة الزميل جمال عنقرة لكن الدعوة يعتريها الكثير من الشبهات ويبدو فيما يبدو لي أنها وإن تغلفت بالاجتماعيات، أتت في إطار حملة علاقات عامة وتسويق جديد لصورة عضو مجلس السيادة التي لحقت بها كثير من الندوب قبل وبعد فض اعتصام محيط قيادة الجيش العام الماضي، والكل يعلم أن عنقرة يجيد صناعة مثل تلك الحملات التي أبدع فيها منذ عهد النظام البائد ويريد اللحاق الآن بسوق النظام الجديد تركيزاً على المكون العسكري الذي يحتاج بمجموعه لمثل تلك الحملات وإن كانت جدواها غير مضمونة.
وتدعم مزاعمي حول رائحة العلاقات العامة في الدعوة، زيارة الكباشي في اليوم التالي للشيخ الياقوت بمعية جمال عنقرة نفسه، حيث ظهر على يمين الكباشي مباشرة في مقاطع الفيديو المنشورة بصفحة مجلس السيادة بفيسبوك، من غير أن تكون له أي صفة رسمية.
(3)
باستثناء حالة الإساءة العنصرية وعبارة واحدة نابئة، جاءت تصرفات أفراد لجنة المقاومة في غاية الرقي والتحضر، وتندرج كلها في إطار التعبير السلمي، وسمعناهم يذكرون بعضهم بالسلمية كبصمة خاصة بالثورة السودانية.
ما حدث من تجمهر حق طبيعي في أي نظام ديمقراطي، ولا ينبغي لأي مسؤول الاعتقاد بأنه سيكون بمنأى عن مواجهة مثل تلك الأشياء أينما حل، وللمنصب العام ثمن يجب أن يدفعه جميع المسؤولين.
وإذا حدث في خضم أي إحتجاج تجاوز من شخص واحد أو قلة، فلا يمكن إسقاطه على الجميع، ولا على الحرية والديمقراطية التي انتزعتهما الثورة المباركة.
(4)
في وليمة عنقرة، نسب للسيد الفريق شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة، انتقاده للأوضاع الاقتصادية في البلاد ولتحالف الحرية والتغيير وللحكومة المدنية، ومن الواضح أن الترويج المستمر لفكرة الفشل الاقتصادي هو منهج للمكون العسكري يرمي به- مع سبق الإصرار والترصد- سحب البساط الشعبي من الحكومة لمآرب يعلمها الله وحده، وهنا نود تذكير الكباشي بما ذكرنا به سعادة الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة، بأن الفشل الأخطر هذه الأيام هو فشل المكون العسكري في إدارة الملفات الأمنية، ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص في عدد من مناطق السودان، دماؤهم في ذمة الكباشي ورفقائه المنشغلين بإدارة صراعات جانبية وتصحيح أوراق الحكومة المدنية بصورة شبه يومية، علماً أنه في اللحظة الذي كان يلبي فيها الكباشي وليمة عنقرة، كانت الأوضاع بغاية التوتر في مدينة حلفا الجديدة، وكان من الأولى توجهه إلى هناك للمشاركة في إخماد نار الفتنة، بدلاً من الذهاب للحتانة للأنس مع مجموعة من الصحفيين وسواقط السياسيين.
(5)
من ضمن ما ذكره الفريق الكباشي في الوليمة تلك، أنه بات يخجل من قوله (أنا مسؤول) وهنا يتطابق شعوره مع كثيرين، يخجلون حينما يقولوا (الكباشي مسؤول عنا)؛ لأن المئات قتلوا أثناء فض الاعتصام وهو مسؤول، وخجلوا قبل ذلك والكباشي يحدثهم عن إلقاء القبض على العباس البشير، ونكتشف لاحقاً أن العباس وصل إلى تركيا
يخجلون من الكباشي حالة كونه مسؤولاً، وعصابات تهريب الذهب والدولار لا تزال تمارس نشاطها في وضح النهار، ويخجلون والكباشي أضاع 4 أشهر من التفاوض بين المجلس العسكري والحرية والتغيير، وفي النهاية رضخ لصوت الشارع بعد ضياع أرواح عزيزة
يخجلون حقيقة، كلما سقطت ضحية من ضحايا توترات الولايات والكباشي مسؤول ضمن مسؤولي الأمن في البلاد.
(6)
لخروج الكباشي من حالة الخجل ولإخراج الكثرة من نفس الشعور، هناك حل بسيط جداً جداً، وهو أن يخرج الكباشي قلما من جيبه ويكتب على ورقة بيضاء من غير سوء:
السيد رئيس مجلس السيادة…
أتقدم إليكم باستقالتي من كل مناصبي، كافياً نفسي وشعبي الشعور بالخجل
مخلصكم الفريق شمس الدين الكباشي.
kessamber22@hotmail.com
نشر بصحيفة السوداني