عثمان ميرغني .. من أصدر هذا القرار ؟؟

588

حملت الأخبار أمس أن (مفوضية الاختيار للخدمة العامة) أسقطت شرط إكمال الخدمة الوطنية الذي كان مطلوبا عند التقديم لأية وظيفة حكومية.. ولا أعلم ما هي الجهة التي اتخذت القرار، هل هو قرار محلي في مستوى مفوضية الاختيار، أم هو قرار من مستوى أعلى؟.

أدرك أن النقمة على مسلك النظام المخلوع تراكمت لدرجة جعلت عبارة “الحل في البل” نغمة محببة جالبة للشعبية الجماهيرية دون حساب للمدى الذي يمكن أن يتمدد فيه معنى هذه العبارة لضرب أركان الدولة في وقت هي في أمس الحاجة لما يقويها.

لدينا ثلاث تجارب تعددية سابقة، كانت تنشأ فيها حكومات جماهيرية على أنقاض حكم عسكري.. وتبدأ المشاعر الثورية في ضرب بعض الأجهزة والمؤسسات الحساسة وتصبح الدولة مثل الجسم الذي فقد جهاز المناعة فيموت من أول فيروس يخترقه..

“الخدمة الوطنية” ليست من مخترعات النظام المخلوع، حتى ولو أساء استخدامها.. وهي مؤسسة موجودة في كل الدول على اختلاف نظمها بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بل حتى سويسرا الناعمة التي ليس لها جيش..

ثورة ديسمبر المجيدة التي حققت الحكم الديموقراطي في حاجة ماسة للاعتبار من التجارب السابقة.. لا بد من تقوية مناعة الدولة حتى لا يستغل البعض ضعف الدولة فينقضون عليها تماما كما تكرر في العهود السابقة.. فالمخاطر الأمنية التي تحدق بالحكومات الديموقراطية أكثر من تلك التي تحيط بالدكتاتورية، ولهذا كانت العهود التعددية في السودان قصيرة العمر والأنظمة الشمولية طويلة الأعمار..

ثم مَنْ قال إن “الخدمة الوطنية” هي نشاط عسكري محض؟.. بالعكس في مرحلة البناء الوطني نحن في حاجة لرفع الوعي بالمشاركة الشعبية في العمل الوطني وهو ما تقوم به “الخدمة الوطنية” التي تنشط في مجالات مدنية ومجتمعية غير محدودة..

في تقديري الأوفق تطوير لا إلغاء الخدمة الوطنية، لتصبح جيشا احتياطيا مؤهلا للاستنفار في المحكات الوطنية والملمات، في الكوارث ذات الطبيعة غير العسكرية مثل السيول والفيضانات بل حتى عمليات الحصاد التي قد تهدد الموسم الزراعي بشح العمالة.

من الحكمة أن نراجع مؤسسات النظام المخلوع التي تركها خلفه بعد السقوط، لكن بحذر كبير وعقل مفتوح على المنافع لا الغبائن.

whatsapp
أخبار ذات صلة