بيع الكتاب المدرسي .. سوق رائجة في عهد الإنقاذ لم تُسقطها المدنية!!
الخرطوم “تاق برس” – تجري المزايدة على الكتاب المدرسي في سوق ام درمان احد أكبر اسواق العاصمة السودانية الخرطوم مثله وأي سلعة أخرى، ففي أبراج الحديد المحشوة بالكتب المدرسية، تتوفر سوق تجارية نشطة خلال العهد السابق من الحكم، عندما تعرض الكتاب المدرسي لأبشع صور الاستخدام والاستغلال، وتمت مساواته في عهد توحش رأس المال كما لو أنه “قطعة جبن”، وتضائلت قدسيته عما كان عليه في خاتم وزارة المعارف، وادارات البحث والمنهج المدرسي المذيلة اسفل كل كتاب.
(1)
وبحيرتهم في العثور على مناهج دراسية لابنائهم فان معظم زوار سوق الكتاب المدرسي في مدينة ام درمان من أولياء أمور الطلاب، يستعينون بمشترواته لإكمال نقص مقررات ابنائهم.
ففي العُهدة البائدة من الحكم، عانت المدارس من شح الحصول على الكتاب وتبع ذلك إنتعاش السوق التجاري “الموازي” للكتاب المدرسي، فالحكومة عهدت إلى وكلاء من قادة حزبها المحلول السابق إمتياز طباعة الكتاب وتوزيعه على المدارس وفقا لمناقصة تشبه لحد كبير مناقصات إنشاء اي وحدة تنموية.
وفي ظل انعدام المحاسبية فان الوكلاء يوزعون حصصا على الولايات لا تفي بحاجتها الفعلىة وغير مطابقة لمواصفة تتعلق بالعدد، ما يضطر أسر الطلاب للاستعانة بأسواق خارجية لشراء المنهج الدراسي.
(2)
وأسواق الكتاب في الحقيقة وحسب معلومات من ينشطون في العمل تكونت بسبب تسرب كميات من الكتاب المدرسي من المدارس واداراتها، او المطابع، وفي مرات من الوكلاء انفسهم ممن يمدون المدارس بحصصها من الكتب.
ويلعب السعر؛ العامل الحاسم في التداول، فالحكومة تقوم بتوزيعه في الحقيقة مجانا، لكنها لا تمانع او تزجر من يقوم بتداوله تجاريا وبمبالغ مإلية يحددها الناشطون في بيعه.
ويمكن لكتاب الكيمياء مثلاً، للفصول الثانوية، ان يصل لاكثر من ستون جنيها، بينما يبلغ سعر وحدة كتاب النحو لفصول اقل ثلاثون جنيها.
فوق منضدة حديدية مهترئة تتراص الكتب المعروضة للبيع بدون أي وازع من قبل بائعيها، بل وان عملية بيع جرت امام محرر “تاق برس”، تشبه شراء اي سلعة بالمزاودة التقليدية للاسف.
(3)
يعرض السوق معظم المنهج المدرسي وهو شبكة واسعة تمتد لمعظم ولايات البلاد الأخرى ومدن العاصمة الخرطوم، وفي جولة محرر “تاق برس” فان هنالك من يغذي السوق ايضا من الكتاب من ادارات المدارس، وتتم مبادلة أيضا في كتب مناهج الفصول الدراسية المختلفة بزيادة معتبرة في السعر.
لكن في الغالب يرفض أصحاب “الكناتين” الحديدية شراء كتب بسبب إغراق الوكلاء خاصة مناهج فصول دراسية هامة مثل الفصل الثامن في مرحلة الاساس والثالث ثانوي.
ولاحظ محرر “تاق برس” مداولات في الحصول على الكتاب المدرسي يمكن ان ترقى لوصفها “بمداولة وضيعة”، اذ يستغل مُلاك الكتاب المدرسي حاجة الطلاب في عرضه بأسعار عالية.
(4)
وبعد تعيين الدكتور عمر القراي مديرا للمناهج الدراسية فان منتقدي تعيينه ذهبوا ناحية الحمولات الايدلوجية، بينما يواجه المنهج والكتاب المدرسي وضعا متأزما في الحصول عليه، وتسجيله ضمن السلع الاستهلاكية المعروضة للبيع في اي “سوبر ماركت” او “كشك”، وهو ما يؤكد ان العملية التعلىمية تواجه انحدارا وتدهورا مريعا.
ومهمة القراي الاولى ربما تتصل بتصفية أسواق بيع الكتاب المدرسي، واعادة إحترامه ومنع تداوله خارج العبارة المألوفة المطبوعة أسفل اغلفته “يوزع مجانا”.