إستراحة الجمعة: ناهد قرناص.. تطير عيشتنا !!
التقيت حاجة نفيسة في الشارع ..كانت تبحث عمن ترسله لشراء الخبز ..(لا أدري هل ينطبق اسم الخبز على ما نتناوله ام لا) ..المهم ..سمعتها تنادي ..(يا ولد يا مجتبى ..تعال امشي الفرن جيب لينا عيش ..تطير عيشتنا نحن)..مازحتها قائلة (ليه كدا بس ..ما هو الجو حلو ..والسماء مغيمة والدنيا آخر حلاوة) ..تذمرت بصوت ساخط ..(اخر حلاوة شنو عليك الله ..العيشة دي ..بقت صغيرة ..سكتنا ..بقت تجينا فيها حاجات ..برضو سكتنا ..بقت بالصفوف ..برضو قلنا ما في مشكلة ..اها كمان بقت ما بتتحشي..يا بتي العيشة دي مش كان فيها ضهر وبطن ؟ متين بقت جنبة واحدة؟ العيال بقى الواحد الا يحشي ليهم اتنين و لا تلاتة عيشات ..دي عيشة شنو دي).
الحاجة نفيسة نسيج وحدها ..لا تحفل بما بحدث من تغييرات في الساحة السياسية ..لا يهمها من دخل الوزارة ..او ذلك الذي لا يزال في منصبه رغم انف الرافضين ..غير متابعة لتلك المذيعة المسكينة التي الهب الشعب الاسفيري ظهرها بسياط التهكم لانها كانت تضع بعض البودرة على وجهها ..ولا مفاوضات السلام في الجارة العزيزة ..حاجة نفيسة اخرجها من منزلها الخبز الذي تكالبت عليه الظروف والفساد وعوامل التعرية ..وصار لا يسمن ولا يغني من جوع ..الحق يقال انه اكتشاف مهم جدا ..وقد..عبرت عني حاجة نفيسة ..اها كلو عرفناهو ..(العيشة البي جنبة واحدة دي)..من وراءها ؟ وما قصته ؟ وحتى متى سيستمر مسلسل تقلص الخبز حتى صرنا نعده من الأشياء التي لا ترى بالعين المجردة ؟
الشهادة لله ..هذا الشئ الذي نقف له صفوفا ..ونشتريه بحر مالنا وكامل عقليتنا ..لا يمت الى الخبز (سيد الاسم ) باي صلة ..ممكن نطلق عليها اي شئ ..غير مسمى الخبز..او الرغيف…الشئ الذي نتناوله حاليا لا تنطبق عليه مواصفات الخبز المتعارف عليها عالميا ..ولا مواصفات اي شئ آخر ..الخبز الأصلي ..زمان ايام المدرسة ..كان له على حد قول حاجة نفيسة (ضهر وبطن) ..كانت له اوزان ثابتة ومقاييس محددة ..وكان ممكن تقسمه على اثنين ..وتعمل منه عدد 2 سندوتش محترمين ..سندوتش تساهم به في (المفاطرة) مع الأصدقاء ..والآخر تخبئه في الشنطة لسد (قرصة جوع) الفسحة الصغيرة . غالبا ما كان السندوتش المخبأ هو سندوتش الطحنية ..وما اكثر ما فضحنا الزيت الذي يرسم ابداعاته على شنطة القماش من الخارج ..فتظهر معالم الفساد الاداري ..وتحاكم بتهمة اخفاء معلومات حيوية عن بقية زملاء الفطور…مما يترتب عليه عقوبات صارمة ربما تصل الى حد (الحوريب) والاقصاء الجماعي لعدة ايام حتى تعلن التوبة…وعدم العودة الى ذلك مرة اخرى ما استطعت اليه سبيلا .
الخبز ..تابع لي منو ؟ من يقوم على شانه ؟ يعني نرفع شكوى حاجة نفيسة (وكل من تضامنوا معها )..لأي جهة ؟ لماذا صار كل شئ مترديا وكل يوم ينقص وتقل مواصفاته يوما بعد يوم ؟؟ متى نستحق خدمات جيدة وحياة كريمة ؟؟ خلاصة الامر ..نحن عايزين نعمل مليونية ضخمة لاستعادة الرغيفة المفقودة ..والتي تمت سرقتها من قبل قوى الظلام والفساد واستبدلتها ب(حاجة كدا ) ما معروفة ..ولا يمكن وزنها ..حاجة كدا ذكرتني كاركاتير لمحته قبل فترة ..رجل ينتظر بجانب غرفة الولادة ..وتخرج عليه القابلة لتبشره قائلة (حمد الله على السلامة ..جابوا ليك بنية وزنها صغيروني ..بس 70 جم ) رد قائلا (خلاص نسميها عيشة).