محمد وداعة…اديس.. تفاوض لن يكتمل!!
ما يحدث فى اديس ابابا من تفاوض بين مكونات من قوى الحرية و التغيير و الجبهة الثورية امر محمود لجهة خلق توافق حول المرسوم الدستورى و مهام الفترة الانتقالية بصفة عامة ، و لا احد يجهل ان انتهاء الحرب و تحقيق السلام لن يكتمل الا بمشاركة الحركة الشعبية شمال ( الحلو ) ، و حركة تحرير السودان ( عبد الواحد) وقوى اخرى ، وهى قوى لا يمكن تجاوزها وهى ليست جاهزة الان للدخول فى حوار مع المجلس العسكرى و ربما تفضل التفاوض مع حكومة الحرية و التغيير ، لذلك لم يكن موفقآ تصوير محادثات اديس و كأنها ستفضى الى سلام مستدام يبرر تأجيل تشكيل الحكومة و مؤسسات الفترة الانتقالية ، بل ان هذا التفاوض الجزئى ربما يثير حفيظة القوى المسلحة غير المشاركة فيما يجرى فى اديس ابابا ،
كررنا سابقآ و نقولها الان ان الحكومة اى حكومة تشكلها قوى الحرية و التغيير قبل توقيع اتفاقات السلام مع كل الحركات التى تحمل السلاح هى حكومة مؤقتة و بالطبع سيعاد فيها النظر لاستيعاب مشاركة فاعلة من الحركات المسلحة ، اما ان يتم تأخير تشكيل الحكومة الى ان يوقع اتفاق سلام ، او لفترة شهر ، فهذا طلب ملغوم و غير مفهوم ،لان الشهر لن يكفى للوصول لهذا الاتفاق ، و لعل اتفاق الستة اشهر كان معقولآ، للسعى لاقناع الاطراف الاخرى للجلوس فى طاولة واحدة او طاولتين متجاورتين لطى ملف الحرب نهائيآ ،
الوسيط الافريقى لم يصدق ما عرض عليه فوسع اطار التكليف من المساعدة على الوصول لاتفاق بين المجلس العسكرى وقوى الحرية و التغيير الى الدخول فى اجندة اضافية ربما اطالت مخاض ولادة الحكومة الانتقالية ، و التطويل فى ظل هذه الاوضاع الهشة التى تعيشها البلاد سيلحق ضررا بالغآ باهداف الثورة وهو احد المهددات التى تواجهها ،
الجميع منشغل بالتفاوض ،مواطنون ومن كافة الفئات الشعبية ، القوى السياسية ، و بالطبع انشغلت قوى الحرية و التغيير ، و المجلس العسكرى منشغل هو الاخر،ما يهم فى هذه اللحظة هو استغراق الطرفين فى سلسلة تفاوض يبدو انها لن تنتهى الى نهاياتها المنتظرة سريعآ ، الشريك الاخر رسميا و لو نظريا المجلس العسكرى مناط به حتى الان حماية الثورة و حراسة شعاراتها و مكتسباتها ، و لكنه بدلا من ذلك و لاسباب غير مفهومة انتقل من خانة الشريك الى وضع نفسه فى مواجهة مع الحرية و التغييرو كاد ان يكون عدوآ ، فى مقابل ذلك تنشط قوى الثورة المضادة و اكثرها خطرا هى رموز وواجهات النظام السابق ، و قوى اخرى مدعومة من الخارج بهدف الالتفاف على الثورة و محاولة اجهاضها ، تارة باثارة الشائعات و السعى للوقيعة بين قوى التغيير و المجلس العسكرى ، و العمل على تخويف المجلس العسكرى من مسؤليات المرحلة الانتقالية و ارسال تهديدات مكشوفة برسم صورة خيالية للفترة الانتقالية ،
قوى الحرية و التغيير تنتقل من تفاوض الى آخر ، و تستغرق وقتآ طويلا لاستعادة التفاوض بعد ايقافه دون مبررات واضحة ، و الوقت يمر وتمرمعه مياه كثيرة تحت الجسر و فوقه ، و يستمر تخريب مؤسسات الدولة والوحدات الحكومية ، و يستمر الفصل و التشريد و النقل التعسفى للموظفين و العاملين الذين ايدوا الثورة او شاركوا فى الاضراب او الوقفات الاحتجاجية ، و تخفى المستندات و يستعاض عنها باخرى لاخفاء جرائم الفساد و نهب المال العام ،و تزداد احوال المواطنين المعيشية و الخدمية و التعليمية تدهورآ ،على تدهورها،
يهرب الفاسدون و اموالهم الى الخارج و يعملون لبث الشائعات تمهيدآ لاثارة الفوضى للانقضاض على السلطة مرة اخرى ،بعد احساس متعاظم بالامان و الاسترخاء ، لا سيما وان الشركاء من دول الخليج و الذين باركوا الثورة و دعموا المجلس العسكرى الذى تولى السلطة بعد اسقاط حكم البشير وقد ملأ الدنيا ضجيجآ حول نيته محاسبة فلول النظام السابق ، ومنع المؤتمر الوطنى و واجهات الحركة الاسلامية من ممارسة اى نشاط خلال الفترة الانتقالية ،تتواتر و تتسرب الانباء عن استعانة المجلس العسكرى برموز النظام السابق ،
هذه الدول لها مواقف معلنة من النظام السابق ومؤسساته وواجهاته من المؤتمر الوطنى و الحركة الاسلامية ، يبدوا انها حققت اهدافها من دعم المجلس العسكرى ، و كل ما عدا ذلك ينتظر حكومة الحرية و التغيير التى تبتعد يومآ بعد آخر ، هؤلاء الفاسدون يتحركون و اموالهم فى دول الخليج كما لم يتحركوا من قبل ، هذا امر غير مفهوم ؟