فوائد سودانية من المشاركة في منتدى الحزام والطريق بالصين ..أحلام وطموحات المستقبل
“تاق برس” بكين – عبد الرحيم بشير – شهدت فعاليات منتدى الحزام والطريق الثاني الذي استضافته العاصمة الصينية بكين، تطورًا كبيرًا في العلاقات الصينية الإفريقية، والتي تمثلت في منح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الفرصة لإلقاء كلمة رئيسية في حفل الافتتاح الرسمي، باعتبار أرض الكنانة الشقيقة هي الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، خلال عام 2019.
وترتبط السودان والصين، بعلاقات تاريخية بدأت منذ أمد بعيد، واستمرت وتطورت حتى بلغت مرحلة العلاقات الإستراتيجية، وحاليًا أعلنت انضمامها لتكون شريك رئيسي في بناء الحزام والطريق، وهو ما انعكس على إصرار السودان على المشاركة في المنتدى على الرغم من الأحداث الأخيرة التي غيرت شكل البلاد.
ومن المنتظر أن تزيد بكين من قيمة القروض المقدمة إلى الدول الإفريقية، لإنجاز مشروعات البنية التحتية، خصوصًا وأن الصين أنفقت 60 مليار دولار خلال الفترة من 2015 حتى 2018، فضلا عن أن الرئيس السيسي ذكر عدة مشروعات تنموية أهمها ممر الشمال الجنوب وهو طريق “القاهرة كيب تاون” الذي يمر من قلب السودان، مما يمكن الخرطوم من تحقيق تنمية مستدامة خلال فترة وجيزة، بالإضافة إلى مشروع الربط الملاحي النهري من بحيرة فيكتوريا حتى البحر المتوسط عبر نهر النيل، فضلا عن أنه طالب مؤسسات التمويل الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي بضرورة ضخ تمويلات لتطوير البنية التحتية للدول النامية أعضاء المبادرة بما يتوائم مع ظروف كل منها.
كلمة السيسي كانت رسالة قوية قدمها أمام العالم أجمع، وقدرها الأفارقة خصوصًا وأن المنتدى حضره 5000 ممثل عن 154 دولة، بما فيهم 37 رئيس دولة ورئيس وزراء، والسفير أحمد شاور سفير السودان في بكين.
من قلب فعاليات المنتدى، استطلعنا آراء عدد من الدبلوماسيين الأفارقة، حول مستقبل التعاون الصيني الإفريقي في ظل وجود تمثيل قوي ممثلا في التواجد المصري القوي.
حيث قال برنس ماليش، وزير النقل في ليسوتو، إن كلمة الرئيس السيسي، عبرت عن طموحات كل الأفارقة، وخاصة أن الجميع يحلم بالتطوير والتنمية وتطوير الطرق والبنية التحتية، وتحقيق تكامل اقتصادي بين دول القارة يوفر فرصة حقيقية لصعود المؤشرات الاقتصادية والوصول إلى مستوى مقتدم من الرفاهية لدي الشعوب.
وأضاف الوزير الليسوتي، أن خطة الاتحاد الإفريقي للتنمية 2063، التي أعلن عنها مؤخرًا وتسعى مصر لتنفيذها خلال رئاستها الاتحاد هذا العام، تتوافق مع مبادرة “الحزام والطريق”، وتحملان الخير لبلاده ليسوتو، وخاصة بعدما بدأت بشائرها تظهر بالبدء في مشروع طريق “مبيتي – سيلابا – ثيبي”، والذي يعمل على تسهيل حركة التجارة والحركة السياحية الوافدة، متابعا أنه يمتد بطول 91 كلم، موازيًا لسلسلة جبال دراكنسبرج بتكلفة 128 مليون دولار أمريكي، ويتم تمويله بقرض ميسر من صندوق طريق الحرير.
وأشار إلى أن المشروع سوف يسهم في تعزيز السياحة، حيث إنه يصل إلى حديقة سيلابا – ثيبي الوطنية، وهي التراث العالمي الوحيد في ليسوتو، وسوف يخلق هذا المشروع بشكل مباشر أكثر من 300 فرصة عمل.
ولفت إلى أن المشروع هو أحد ثمار منتدى التعاون الصيني الإفريقي “فوكاك”، الذي عقدت نسخته الأخير سبتمبر الماضي، وكان للرئيس عبد الفتاح السيسي، حضور قوي فيه أكد خلاله سعي أرض الكنانة إلى تقديم يد العون للبلدان الإفريقية بهدف تحقيق تعاون ومنفعة مشتركة تعود بالفائدة على جميع الأطراف.
وأضاف أن التعاون في إطار الحزام والطريق والاتحاد الإفريقي برعاية مصرية، يعتبر النموذج الأمثل والذي يجب أن يحتذى به، خصوصًا وأنه عمل على تطوير طرق النقل والسكك الحديدية في العديد من البلدان الإفريقية.
الكونغو برازافيل: أثلجت صدور كل الأفارقة
قال أيبمومبو لينوتفستي وزير الاقتصاد الرقمي في الكونغو برازافيل، إن كلمة الرئيس السيسي خلال منتدى الحزام، أثلجت صدور كل الأفارقة، وخاصة أن الصين تولي أهمية كبرى تجاه مصر تمثلت في قدوم الرئيس المصري متحدثًا في الجلسة الافتتاحية الرئيسية بعد الرئيس الصيني شي جين بينج، والروسي فلاديمير بوتين، والكازاخستاني نور سلطان نزار باييف، ما يعد مكسبًا للقارة السمراء، مؤكدًا أن أهم ما ركز عليه هو إزالة عوائق التجارة، وتطوير البنية التحتية، وهو نفس ما طرحته مصر من أولويات في القمة الإفريقية الأخيرة تمثل برنامج عمل لها خلال فترة رئاستها للاتحاد.
وأضاف أن سياسة مصر أيضًا تجاه إفريقيا خلال عام 2019، تتوافق مع أولويات منتدى التعاون الصيني الإفريقي “فوكاك”، وتضفي بعدًا هامًا على مستوى التعاون المشترك بين الجانبين، بهدف الارتقاء بمستوى معيشة المواطن الإفريقي، حيث إنها تتضمن الحفاظ على على الأمن والسلم وإحداث تنمية مستدامة تقضي على الحروب الأهلية والنزاعات فضلا عن الإرهاب وانعدام الأمن والتغير المناخي.
ولفت إلى أن مصر والكونغو برازافيل تتعاونان في إطار منتدى التعاون الصيني الإفريقي “فوكاك”، ولا تلتفتان إلى الدعايات السلبية حول المبادرة، التي تجقق مصير واحد مشترك للبشرية يحمل الخير للجميع، من خلال تسريع وتيرة النمو.
إثيوبيا: رسالة قوية ومهمة للعالم
وأكد بينالف أهدوالم سكرتير عام حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الحاكم في إثيوبيا، أن حديث الرئيس السيسي في منتدى الحزام والطريق، يعتبر رسالة قوية ومهمة للعالم أجمع، وتؤكد أن القارة الإفريقية على قلب رجل واحد، وتسعى إلى التعاون لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن الكلمة عبرت عما يجيش بصدر كل إفريقي متواجد في هذا الحدث الضخم.
وأوضح أن الرئيس السيسي، أشار إلى نقطة مهمة، وهي مشروع “ممر الشمال – الجنوب”، أو طريق “القاهرة – كيب تاون”، الذي من شأنه أن يسهل حركة التجارة بين الشمال والجنوب، ويخدم مشروع طريق “الشرق – الغرب” الذي ينطلق من إثيوبيا إلى غرب القارة الإفريقية، مضيفًا أن المشروعين يتكاملان بهدف زيادة مُعدلات تدفقات التجارة والاستثمار البيني، والإثنان يمران من السودان.
ولفت القيادي المسئول بالحزب الإثيوبي الحاكم، في تصريحاته الخاصة، إلى أن كلمة رئيس وزراء بلاده أبي أحمد خلال الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد عقب الجلسة الافتتاحية حمل نفس المعاني الذي ذكرها الرئيس السيسي، في خطابه، ما يؤكد وجود رؤية مشتركة بين زعيمي البلدين وتوافق على التعاون من أجل مستقبل أفضل للقارة السمراء، خصوصًا وأن مصر تشغل منصب رئيس الاتحاد الإفريقي والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحتضن مقر الاتحاد الرئيسي، فضلا عن كون مصر وإثيوبيا يمثلان أقدم حضارات القارة وبينهما تاريخ طويل مشترك من التعاون والأخوة.
وأشاد بينالف أهدوالم، سكرتير عام حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الحاكم في إثيوبيا، بمستوى التعاون الإفريقي في إطار مبادرة الحزام والطريق، خصوصًا وأن ثمار المبادرة الأولى قامت بلاده بالبدء في قطفها من خلال زيادة حركة التجارة بعد الانتهاء من إنشاء خط السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي، مضيفًا أن الرئيس السيسي ذكر نقطة مهمة أيضًا تناولها شقيقه الدكتور أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي وهي تشجيع الشركات الخاصة ورجال الأعمال والمؤسسات التمويلية الدولية على الاستثمار في المشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية.
وأوضح أن التعاون “الإثيوبي الصيني” المشترك، أثمر عن توقيع اتفاقيات باستثمارات 1.8 مليار دولار أمريكي، تشمل توفير خطوط نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، مضيفًا أن المشروع سيوفر الطاقة لما يصل إلى 16 منطقة صناعية، فضلا عن إنشاء خط السكة الحديد الثاني من أديس أبابا إلى جيبوتي ومدن مختلفة في بلاد النجاشي ملك الحبشة.
وأكد أن الاتفاقية تضمن عدم انقطاع التيار الكهربائي، بتوفير الطاقة دون توقف وأيضًا توفير فرص عمل للشباب، لافتا إلى أن كلمة الرئيس السيسي، حملت بعدًا اجتماعيًا مهمًا، وهما ضرورة أن يتوافق تمويل مشروعات التنمية المستدامة، وتطوير مشروعات البنية التحتية بالقارة في إطار مبادرة الحزام والطريق، مع ظروف كل دولة خصوصًا الدول النامية والأقل نموًا، بشكل لا يحملها أعباء إضافية.
السودان حلقة وصل
ويرى مراقبون أن السودان يمكنه أن يكون شريكا رئيسيا من خلال موقعه الجغرافي الذي يجعل منه حلقة وصل بين العالم العربي والدول الإفريقية، خصوصًا وأن التاريخ القديم يذكر أن موانئ السودان الشرقية على ساحل البحر الأحمر شكلت في السابق نقطة التقاء للقوافل التجارية القادمة من الصين باتجاه إفريقيا على طريق الحرير البحري القديم.
فوائد سودانية
ووفقًا للخبراء أيضًا ، فإن الخرطوم قد تحقق فائدة عظمى، من بناء مبادرة الحزام والطريق تأتي من إقامة مشروعات تنموية في مجالات السكك الحديدية والطرق والموانئ، إضافة إلى مشروعات الطاقة وإنشاء أول محطة نووية للأغراض السلمية، وهو المشروع يمكن إنشاؤه بالتعاون مع الجانب الصيني، كما يتطلع إلى السودان إلى الدخول في شراكات مع الصين من أجل بناء محطات للطاقة الشمسية وإقامة المزيد من السدود المائية لمشاريع الري والكهرباء”، وذلك في إطار مبادرة الحزام والطريق.
الزراعة تمثل أيضا واحدة من أبرز مجالات التعاون بين السودان والصين أيضا في إطار المبادرة، حيث يستطيع السودان من خلال إمكاناته الزراعية إقامة مشروعات بالتعاون مع الصين في مجالات الأمن الغذائي، فضلا عن أن المبادرة ستوفر فرصا له في مجالات تعزيز التجارة مع الصين وغيرها من الدول وإقامة مشروعات التنمية المستدامة وإنشاء مشروعات البنى التحتية.