“مجزرة بشعة وموت محقق..”لعنة كيكل” تلاحق سكان ولاية الجزيرة.. تفاصيل مرعبة وإحصائيات إبادة ونزوح صادمة

258

مقتل وإصابة عشرات المدنيين ونزوح 46,700 شخصًا بمناطق وقرى شرق ولاية الجزيرة وسط السودان في هجمات جديدة لقوات الدعم السريع ومنع مواطنين من مغادرة قراهم واتخاذهم دروعًا بشرية بحسب افادات مواطنين ناجين بتلك المناطق

تاق برس – لم يدر في خلد سكان ولاية الجزيرة وسط السودان أن يعودوا الى الدخول في كابوس إبادة جديد ومعايشة أسبوع دموي مرعب مواصلة لسلسلة هجمات شنتها ضدهم قوات الدعم السريع منتصف ديسمبر من العام الماضي 2023، بعد انقلاب الأحوال الى أسوأ حال من القتل والنزوح سيرا على الأقدام ليلا يتبعه النهار للفرار من “مجزرة بشعة وموت محقق” ارتكبته ضدهم قوات الدعم السريع حسب ناجين من سكان تلك القرى في اطار الإنتقام، بعد أيام من إعلان قائد تلك القوات أبو عاقلة كيكل إنسلاخه من الدعم والإنضمام للقتال في صفوف الجيش السوداني.

 

آلاف المواطنين في مناطق “تمبول،رفاعة،السريحة،السديرة” وغيرها من قرى شرق ولاية الجزيرة وسط السودان وجدوا أنفسهم أمام هول الموت أو الفرار منه حين هاجمتهم  قوات الدعم السريع على حين غِرة في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين العُزل من النساء والأطفال وكبار السن ولم يسلم حتى الشباب من القتل والسحل والضرب، وطالت يد الغدر والتعدي المنازل والمحال التجارية والممتلكات والسيارات والمحاصيل الزراعية نهبًا وتدميرًا وتخريبًا وحرقًا وضربًا بالسياط دونما رحمة أو ذنب مقترف بحسب روايات ناجين تحدثوا والخوف يتطاير من أعينهم من هول الصدمة بعد أن وصول بعضهم الى مناطق آمنة في ولايات القضارف ،كسلا ، ونهر ابنيل.

 

وردت القوات المسلحة السودانية، على هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة بقصف الطيران الحربى، لمواقع تمركز الدعم السريع، والتي تنطلق منها لمهاجمة المدنيين ونهب ممتلكاتهم.

 

إحصائيات وإفادات صادمة..

وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثلاثة اخرين، جراء هجوم نفذته قوات للدعم السريع على منطقة السديرة الغربية بولاية الجزيرة.

 

 

وقتل اكتر من 124 مواطنا على يد قوات الدعم السريع في منطقة السريحة بولاية الجزيرة ونزح اكثر من 10 الاف مواطن في انتهاك جديد تعرضت له منطقة تمبول ورفاعة شرقي ولاية الجزيرة في جريمة جديدة تعرضت لها الولاية بعد ايام من اعلان قائد قوات الدعم السريع أبوعاقلة كيكل انسلاخه من قوات الدعم السريع وإنضمامه الى الجيش السوداني بكامل قواته.

 

 

واعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في نشرة له يوم الاثنين، إن العنف المسلح المتصاعد في ولاية الجزيرة بوسط السودان أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، كما تسبب في نزوح نحو 46,700 شخص إلى ولايات القضارف وكسلا ونهر النيل.

 

 

ووفقا لأوتشا فإن التقارير الأولية تشير إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ولاية الجزيرة، شملت عمليات نهب واسعة للأسواق والمنازل، بالإضافة إلى حرق المزارع.

 

وأوضح المكتب أن الاحتياجات العاجلة للمتضررين والنازحين تتضمن المأوى، والغذاء، والرعاية الصحية، وخدمات الحماية، بينما تبذل المنظمات الإنسانية جهودا مكثفة لتقديم الدعم اللازم.

 

وأكد مكتب الأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع شنت بين 20 و25 أكتوبر الحالي هجوماً على مناطق شرق ولاية الجزيرة، تخلله إطلاق نار عشوائي على المدنيين وأعمال عنف جنسي ضد النساء والفتيات، إضافة إلى نهب الأسواق والمنازل وإحراق المزارع، مما أسفر عن فرار آلاف المدنيين.

 

وتشير “أوتشا” إلى أن الذين بقوا في المنطقة يواجهون تهديدات خطيرة، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية وفقدان الأرواح، في حين يحتاج العديد من الجرحى إلى علاج طبي عاجل.

 

وبحسب الفرق الميدانية لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، فإن حوالي 46,700 شخص (نحو 9,332 أسرة) نزحوا من تمبول والقرى المجاورة في محليتي شرق الجزيرة وأم القرى خلال الفترة من 20 إلى 27 أكتوبر الحالي.

 

وذكر التقرير أن النازحين اتجهوا بحثاً عن الأمان والمأوى إلى محليات الفاو والبطانة ومدينة القضارف، وكذلك إلى محليات حلفا الجديدة وخشم القربة ونهر عطبرة بولاية كسلا، إضافة إلى محليات أخرى بولاية نهر النيل.

 

"مجزرة بشعة وموت محقق.."لعنة كيكل" تلاحق سكان ولاية الجزيرة.. تفاصيل مرعبة وإحصائيات إبادة ونزوح صادمة "مجزرة بشعة وموت محقق.."لعنة كيكل" تلاحق سكان ولاية الجزيرة.. تفاصيل مرعبة وإحصائيات إبادة ونزوح صادمة

 

وتشير التقارير إلى أن حركة النزوح لا تزال مستمرة، حيث تسعى المزيد من الأسر إلى مغادرة المناطق المتضررة إلى مواقع أكثر أماناً، بما في ذلك مناطق خارج ولاية الجزيرة.

 

واضافت “اوتشا” أن هناك تحديات تعيق قدرة البعض على الفرار، مشيرة إلى أنباء تحدثت عن تَرك بعض كبار السن، الذين قد يواجهون خطر الجوع.

 

وأشارت الأمم المتحدة إلى وصول نحو 39,600 نازح إلى القضارف وكسلا، بينما نزح عدد غير معروف داخل ولاية الجزيرة.

وتؤكد مفوضية العون الإنساني في كسلا أن 33,850 نازحاً وصلوا إلى مناطق مختلفة في الولاية، فيما وصل 5,750 شخصاً إلى ولاية القضارف.

 

وأشارت “أوتشا” إلى أنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها الامم المتحدة، فإن هناك حاجة إلى المزيد من الإمدادات لتلبية احتياجات النازحين.

وأدانت شبكة أطباء السودان استمرار عمليات القتل والتهجير القسري للمدنيين بولاية الجزيرة مما يضاعف معاناة الآلاف من المهجرين قسريا في ظل أوضاع مأساوية يعيشها المواطنين منذ دخول الدعم السريع للولاية.

 

 

وأعتبرت الشبكة عمليات القتل الممنهج الذي تمارسه الدعم السريع ضد المدنيين في كل قرى شرق وغرب الجزيرة، يرتقي للإبادة الجماعية وهو تكرار لما حدث بمدينة الجنينة.

 

 

ودعا المبعوث الأميركي الخاص  إلى السودان توم بيرييلو قوات الدعم السريع إلى وقف قتل المدنيين ووقف كل الأعمال التي تنتهك التعهدات التي قطعها الجنرال “حميدتي” وقيادة قوات الدعم السريع كجزء من التزامات مجموعة “متحالفون من أجل تعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان” وإعلان جدة.

 

 

واعرب مسؤول السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلقه من الاحداث التي وقعت شرق ولاية الجزيرة خلال الفترة من 20 إلى 27 من اكتوبر الحالي. وقال بوريل في تغريدة على موقع اكس، تويتر سابقا إن “الصور المفزعة من ولاية الجزيرة في السودان مثيرة للقلق”.

 

ودعا بوريل إلى وقف المجازر ضد المدنيين السودانيين وضرورة محاسبة الجناة على افعالهم، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل تحقيق العدالة. وأضاف المسؤول الأوروبي البارز في تغريدته “وردت تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع ارتكبت المزيد من عمليات القتل الجماعي والاغتصاب، يجب أن تتوقف المجازر ضد المدنيين وتجب محاسبة الجناة”.

 

“تقارير مأساوية”

 

أما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس فقد وصف التقارير التي وردت عن عدد القتلى في قرية السريحة، شرق الجزيرة، بأنها مأساوية.

وقال في تغريدة في صفحته على منصة اكس “وردت إلينا تقارير مأساوية من السودان تفيد بمقتل 124 شخصًا على الأقل في ولاية الجزيرة”.

 

ودعا غيبريسوس إلى حماية المدنيين بصورة عاجلة، معتبرا أن هناك تجاهلا لما يجري في السودان من قبل المجتمع الدولي ووسائل الإعلام.

وأضاف في تغريدته أن “الأحداث الأخيرة تؤكد الأزمة الإنسانية المروعة المستمرة بالسودان، وتؤكد الحاجة إلى حماية المدنيين بشكل عاجل، وهو الأمر الذي لا يزال المجتمع الدولي ووسائل الإعلام يتجاهله”.

 

“نهب وقتل وعنف جنسي”

 

كما اعربت مسؤولة أممية رفيعة في الأمم المتحدة عن قلقها البالغ من تصاعد العنف في ولاية الجزيرة. ونقل موقع أخبار الامم المتحدة عن كلمنتاين نكويتا-سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، وصفها لما حدث في الجزيرة بالجرائم المروعة.

 

وقالت سلامي “هذه جرائم مروعة وإن النساء والأطفال والفئات الأكثر استضعافا يتحملون عبء الصراع”.

 

وقال البيان الصادر عنها إن مقاتلي الدعم السريع أطلقوا النار على المدنيين بشكل عشوائي وارتكبوا أعمال عنف جنسي ضد النساء والفتيات ونهبوا الأسواق والمنازل على نطاق واسع وأحرقوا المزارع.

 

“خطة فرعونية”

وفي سلطنة عمان، وصف المفتي العام للبلاد ما حدث في مدن وقرى شرق الجزيرة بالخطة الفرعونية. واعرب الشيخ أحمد الخليلي، المفتي العام لسلطنة عمان، في حسابه الموثق بالعلامة الزرقاء على موقع اكس، عن انزعاجه الشديد لتلك الأحداث.

 

وقال الخليلي في تغريدته “ازعجنا كثيرا ما وقع للشعب السوداني العربي المسلم الشقيق من عدوان العصابات الإجرامية إذ دخلت قريةً من قراه فأبادت رجالها عن بكرة أبيهم”. وتابع قائلا “وتلك خطة فرعونية تَبًّا لمخططها ومنفذها؛ فأين المنظمات العربية والإسلامية والدولية؟ وأين منظمات حقوق الإنسان في العالم؟!!”.

 

ووضع الشيخ الخليلي علامتي التعجب هاتين، وهما جزء من النص الذي نشره، تعبيرا عن تعجبه من غياب تلك الجهات عن الشأن السوداني.

 

وأصدرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بيانا قالت فيه “صُدمت وذهلت بشدة من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي شهدناه في دارفور العام الماضي، مثل الاغتصاب والهجمات المستهدفة والعنف الجنسي والقتل الجماعي، في ولاية الجزيرة. هذه جرائم فظيعة”.

 

ووفق تصريح لعضو في “نداء الوسط”، وهو تجمع لمبادرة أهلية تتابع شؤون سكان وسط السودان، فضل عدم الكشف عن اسمه في ظل الظروف الأمنية الحالية في المنطقة، ارتفعت حصيلة ضحايا هجوم الدعم السريع على قرية “السريحة” إلى 135 قتيلا، “بينهم 48 امرأة وطفلا، بالإضافة إلى إصابة وأسر العشرات”.

 

وأعلنت يونيسف أن أكثر من 9 آلاف أسرة تشمل 45 ألف شخص أجبروا على الفرار من منازلهم في تمبول والقرى المحيطة في الجزيرة بها بين 20 و27 أكتوبر الجاري

 

ما حدث دفع عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، إبراهيم جابر، وفق ما نشره إعلام مجلس السيادة الأحد، لمطالبة النيابة العامة في السودان بـ”رصد انتهاكات قوات الدعم السريع التي جرت مؤخراً بمناطق شرق الجزيرة بحق المدنيين العزل، وفتح بلاغات جنائية في مواجهة مرتكبيها في المحاكم الوطنية والدولية”.

 

قوات الدعم السريع “اجتاحت عشرات القرى منذ يوم 20 إلى 25 أكتوبر الجاري، من بينها قرى السريحة والأزرق والتكينة والهبيكة وصفيتا الغنوَماب وغيرها”.

 

ووفقا لإفادات ناجين من تلك القرى لـ”تجمع نداء الوسط”، فإن أعداد الضحايا في ازدياد كل يوما إما بسبب وفاة جرحى ومصابين لاحقا، أو بفعل هجمات جديدة على تلك القرى من قبل قوات الدعم السريع.

 

 

وكانت مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية لضحايا هجمات الدعم السريع على قرى شرق الجزيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت أن السكان  يتعرضون لـ”مجزرة بشعة” وأنهم يواجهون “موتا محققا”، و”هناك عشرات الجرحى وسط المدنيين ينزفون، ويحتاجون إلى الغوث العاجل الإجلاء”.

 

إذلال “شيخ السريحة”

اثا فيديو الطيب الطاهر، الرجل الستيني من قرية السريحة بولاية الجزيرة، صدمة قاسية لكل من شاهدها.

 

ففي مقطع فيديو قصير لا يتجاوز تسع ثوانٍ، يظهر قائد في قوات الدعم السريع يُدعى “عمر شارون”، وهو يمسك بلحية الرجل المسن ويشدها أمام الكاميرا بقسوة واحتقار.

 

واعتبر معلقون على الفيديو أن العنف الممارس ضد الطاهر لم يكن موجهاً ضده شخصياً فحسب، بل استهدف كل القيم التي تجمعهم.

 

يعد الطاهر أحد أوائل خريجي الهندسة الكهربائية في السبعينات، وقد كرّس الكثير من علمه ووقته من أجل نهضة قريته السريحة.

 

ووفقاً للروايات المتداولة، فقد حمل السلاح للدفاع عن نفسه وعرضه بعد اجتياح قوات الدعم السريع لعدد من القرى في ولاية الجزيرة.

 

ظهر الطاهر مع شارون في فيديو ثانٍ لمدة دقيقة و42 ثانية، وكأنه يتعاون مع قائد الدعم السريع ويعبر عن رضاه عن المعاملة، وهو ما يتعارض بوضوح مع الإهانة التي تعرض لها في المقطع الأول.

 

التعليقات الغاضبة والمشفقة بعد الفيديو الثاني رجحت احتمال تعرض الطاهر لضغوط وتهديدات دفعته إلى الظهور مجدداً في الفيديو الثاني بسبب الخوف على حياته وسلامة أسرته.

 

واعتبر كثير من المتابعين أن النبرة التي تحدث بها الستيني في الفيديو الثاني تشير إلى أنه أدلى بتلك الافادات وهو تحت التهديد، ما يجعله يظهر بصورة المتعاون قسراً.

 

الأسبوع الدامي الذي عاشته مناطق وقورى شرق ولاية الجزيرة أعاد للأذهان مذبحة مماثلة وقعت في الخامس من يونيو الماضي في منطقة “ود النورة” بولاية الجزيرة أيضا، ما جعل البعض يعتبرها بمثابة “لعنة” من قوات الدعم السريع التي يقودها كيكل في المنطقة للقضاء عليهم وتهجيرهم من مناطقهم قسرًا مواصلة لمعاناة ما أنفكت تلاحق الأبرياء دونما ذنب مقترف.

سلمى معروف

 

 

 

whatsapp
أخبار ذات صلة