نساء يروين تفاصيل صادمة عن كيف تلجأ قوات الدعم السريع للاغتصاب “كسلاح للترهيب”

1٬073

الحرب في السودان: تحقيق لبي بي سي يوثق شهادات لضحايا الاغتصاب

القاهرة- محمد محمد عثمان

كعادتها، خرجت كلثوم، ربة بيت، من سكنها في أحد أحياء مدينة الجنينة للبحث عن حطب الوقود خارج نطاق الحي السكني، غير أن مشوارها تحول إلى جحيم كما تقول، إذ اعترض طريقها أربعة من عناصر قوات الدعم السريع الذين ينتشرون في المنطقة، واقتادوها تحت تهديد السلاح تحت إحدى الأشجار وبدأوا في اغتصابها بالتناوب.

تقول كلثوم، بصوت يعتصره الألم والخوف، إنها عاشت لحظات قاسية للغاية: “كان يوما عصيبا بالنسبة لي .. كثيرا ما سمعت من النساء عن قصص الاغتصاب التي يروينها لكنني لم أكن أتوقع يوما أن أكون أنا الضحية!”.

وتابعت وهي تغالب دموعها: “كانوا وحشيين للغاية، تناوبوا على اغتصابي تحت الشجرة التي جئت لأخذ حطب منها .. أسمعوني كلمات نابية وعنصرية، وطلبوا مني مغادرة المدينة لأنها تابعة للعرب”.
تحدثني كلثوم من خارج مدينتها بعد أن اضطرت للهرب منها مع أسرتها المكونة من خمسة أطفال وزوج مريض.

وتقول إنها تتلقى الرعاية الصحية في مركز متواضع في المكان الذي تقيم فيه ولكنها تؤكد أنها لن تنسى ما حدث لها وستظل ما وصفتها بوصمة العار تلاحقها مثل ظلها.

“قتل على الهوية”

شهدت مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مثلما حدث في معظم المدن الكبرى في دارفور والعاصمة الخرطوم، غير أن أحداث العنف في الجنينة اتخذت طابعا اثنيا وشهدت قتلا على الهوية كما أكدت الأمم المتحدة التي يقول مبعوثها إلى السودان، فولكر بيرتس، إنه تلقى تقارير موثوقة تشير إلى أن القبائل العربية وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو قد ارتكبت انتهاكات خطيرة تشمل القتل على الهوية والعنف الجنسي، قائلا إن هذه الأفعال ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

لم تكن هذه المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع بالضلوع في ارتكاب جرائم الاغتصاب. فقد اتهمت تلك القوات بارتكاب هذه الجرائم خلال مشاركتها في الحرب في إقليم دارفور في عهد الرئيس المعزول عمر البشير. كما لاحقت الاتهامات عناصر من هذه القوة -مع قوات نظامية أخرى- بالقيام باغتصاب فتيات خلال فض اعتصام المحتجين أمام قيادة الجيش في يونيو/حزيران من عام 2019.

“العشرات تعرضن للاغتصاب منذ بدء الاشتباكات”

خلال الحرب المستمرة حاليا بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في مدن العاصمة الخرطوم برز اسم قوات الدعم السريع مرة أخرى مقرونا بارتكاب عمليات اغتصاب واعتداء جنسي. وأكدت منظمات حقوقية دولية وإقليمية ومحلية ضلوع عناصر من قوات الدعم السريع في عمليات اغتصاب وعنف جنسي في مناطق سيطرتها.

وفي هذا الصدد، أكد فولكر ترك مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 50 امرأة وفتاة تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب، وأضاف خلال إحاطة لمجلس حقوق الإنسان في يونيو/ حزيران الماضي أن ” الجناة في جميع الحالات تقريبا كانوا من قوات الدعم السريع”.

وقالت الأمم المتحدة إن “الاغتصاب يستخدم كأسلوب لإرهاب الناس خلال الحرب”.

وفي مطلع شهر يوليو/ تموز أكدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل السودانية أن عدد النساء اللائي تعرضن للاغتصاب وصل إلى نحو 90، معظمهن في الخرطوم والجنينة ونيالا. وقالت في بيان إن معظم إفادات الضحايا والبلاغات الجنائية كانت ضد قوات الدعم السريع.

“ألقوا بي في قارعة الطريق”

تمكنت بعد تقصٍ وبحث مطول استمر لعدة أيام من الوصول إلى ثلاث من الضحايا اللائي تعرضن للاغتصاب من قبل قوات الدعم السريع في مدن العاصمة الثلاث بحري والخرطوم وأمدرمان.

في البداية وجدت صعوبات كبيرة في إقناعهن بالتحدث عما تعرضن له، في ظل الظروف النفسية والاجتماعية الصعبة التي يعشن فيها. واتفقت معهن على استخدام أسماء وهمية عند سرد تفاصيل ما حدث لهن.

تقول ابتسام، التي تعيش في مدينة الثورة بأمدرمان والبالغة من العمر 24 عاما، إنها قبل ثلاثة أسابيع من وقت الحديث معها خرجت من المنزل للذهاب إلى منزل خالتها في الجوار.

وعند وصولها الشارع المقابل أوقفها ثلاثة عناصر من قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على المنطقة.

وقالت ابتسام بصوت متهدج ومرتجف “أوقفوني تحت تهديد السلاح وسألوني عن وجهتي. فقلت لهم أنا في طريقي لمنزل خالتي..فقالوا لي أنت تتبعين لاستخبارات الجيش.. فانكرت ذلك .. وطلبوا مني مرافقتهم في سيارتهم”.

وأضافت تقول “حاولت الصراخ والهرب لكنهم كانوا أقوياء وهددوني بالسلاح وأجبروني على الدخول في أحد المنازل”.

وتوقفت ابتسام عن الكلام في هذه النقطة لفترة طويلة من الزمن قبل أن تستأنف حديثها “في المنزل كان هنالك شخص آخر يرتدي ملابس داخلية فقط.. حاولت الهرب مرة أخرى ولكن أحدهم ضربني بقوة حتى سقطت على الأرض وهددوني بالقتل إن تحركت أوصرخت مرة أخرى”.

سكتت مرة ثانية لفترة أطول مع سماعي لصوت نحيبها ” تناوبوا علي الثلاثة لأكثر من مرة، ثم اقتادوني إلى السيارة قبل أن يلقوني في قارعة الطريق مع مغيب الشمس”.

ومضت تقول “شعرت بالقهر والخوف وبرغبة في الموت مما حدث لي ..أحسست بقهر شديد ورغبة في الانتحار لكني تماسكت وذهبت للمنزل ولم أخبر أحدا “.

“بعدها تواصلت مع صديقاتي لأحكي ما حدث لكني لم أستطع .. كتبت لي إحدى صديقاتي التي تعمل طبيبة وقالت لي إنها لن تتمكن من الوصول إلي بسبب الوضع الأمني و لا يوجد مستشفى يمكن أن أتعالج فيه، لكنها نصحتني باتباع نصائح طبية حتى أتجنب الحمل”.

” أشعر بالقهر”

أما ابتسام التي تعيش في مدينة الخرطوم فتقول إن قوة مكونة من ثلاثة عناصر من قوات الدعم السريع اقتحمت منزلهم في حوالي الساعة الخامسة عصرا : “كانوا مسلحين وكنت وحيدة، خرج شقيقي لتفقد الجيران والبحث عن شيء نأكله.. وعندما رأيتهم صرخت، وحاولت الهرب، إلا أن واحدا منهم أغلق الباب، ووجهوا لي أسلحتهم وطالبوني بالسكوت”.

سكتتْ برهة لتكمل بصوت مخنوق: “أخذني أحدهم بالقوة إلى إحدى الغرف وطلب مني أن أستلقي على السرير، وعندما رفضت ضربني بقوة ثم هاجمني”.

عند هذه النقطة توقفت عن الكلام لفترة أطول قبل أن تستطرد قائلة “اغتصبني بقوة، وقبل أن أفيق من هول الصدمة جاء رفيقاه وفعلا الشيء نفسه .. وأنا أشعر بالقهر والرعب وليست لي قدرة على فعل شيء “.

وتضيف: “انسحبوا من المنزل بعد أن نهبوا الذهب والمتعلقات الثمينة.. حاليا أتلقى الرعاية الطبية عن طريق مجموعة نسوية متخصصة، لكنني ما زلت أشعر بالقهر وأتمنى لو لم أكن موجودة في هذه الدنيا”.”
[27/07, 8:14 pm] د.مزمل ابوالقاسم: سودان تريبيون:

“*الدعم السريع يعتقل ويعذب «مريض نفسيًا» حتى الموت*

الخرطوم 25 يوليو 2023

*قُتل مواطن يُعاني من اضطرابات نفسية، إثر تعرضه لتعذيب قاسٍ في أحد مقار قوات الدعم السريع شرقي العاصمة الخرطوم، بعد أيام من اعتقاله*.

ومنذ بدء الحرب في السودان منتصف أبريل الماضي، اعتقلت قوات الدعم السريع أعداد كبيرة من المدنيين ونقلتهم الى مراكز احتجاز غير مشروع أقامتها في مواقع خاضعة لسيطرتها بالخرطوم.

*وقالت مصادر، لـ “سودان تربيون”، الثلاثاء؛ إن “جعفر آدم محمد أحد سكان ضاحية الجريف مربع 79، قُتل تعذيبا داخل معتقل  هيئة العمليات الذي حولته الدعم السريع لواحد من أكبر معسكراتها في الخرطوم”*.

وأوضحت المصادر أن جعفر الذي يعاني من اضطرابات نفسية، اعتقل بواسطة قوات الدعم السريع من شارع الستين وجرى نقله لمعسكر هيئة العمليات حيث تعرض لتعذيب قاسٍ مطلع يوليو الجاري،وفارق الحياة من فرط التعذيب.

وتلاحق قوات الدعم السريع اتهامات بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري والعنف الجنسي المتصل بالنزاع واحتلال المنشآت المدنية ومنازل المواطنين وتحويلها لثكنات عسكرية.

وتحدثت المصادر عن وجود أعداد كبيرة من ذوي الإعاقة الذهنية، تحتجزهم قوات الدعم السريع في سجونها.

وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان علي عجب لـ “سودان تربيون”، إن ” اغتيال جعفر داخل المعتقل، تعد حادثة غير منعزلة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكب في سياق الحرب الدائرة الآن في الخرطوم وفي دارفور”.

وشدد على أن الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير المشروع والتعذيب هي جرائم ضد الإنسانية.

وأضاف: “لدي معلومات أن قوات الدعم السريع لديها عدد كبير من المحتجزين، جرى اعتقالهم من الارتكازات التي تقيمها، كما أن لديها علاقة بالجرائم التي ترتكب في دارفور في منطقة الجنينة تحديدا”.

ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة توثيق كل الجرائم والانتهاكات، بما يمكن من ملاحقة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية وملاحقتهم داخليا في أي ظروف تتاح فيه العدالة داخل السودان.

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أبلغ مجلس الأمن الدولي، عن شروعه في بدء تحقيق حول جرائم حرب جديدة وقعت في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

ومنذ 23 أبريل الماضي تشهد ولاية غرب دارفور التي تحاذي دولة تشاد، اقتتالاً قبلياً بين المساليت والقبائل العربية تسبب في قتل ما يزيد على خمس آلاف مواطن وتشريد أكثر من 200 ألف، وسط اتهامات للدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها بالوقوف وراء هذه الانتهاكات.”

whatsapp
أخبار ذات صلة