محمد عبد الماجد : بغم حزب أعداء النَّجاح الوَطَني!!
بغم
حزب أعداء النَّجاح الوَطَني!!
محمد عبد الماجد
• يُشاع بين الناس في السُّودان أنّ أكبر حزبين في البلد هما الهلال والمريخ، غير أنّ الحزب الأكبر بالسُّودان في اعتقادي هو حزب أعداء النجاح، وهو حزبٌ للأسف الشديد يدعي الوطنية، فهو حزب أعداء النجاح الوطني. أنصار هذا الحزب لهم منطقٌ وفلسفةٌ وشعبية، وتأثيرهم على الشارع السُّوداني يفوق تأثير كل الأحزاب ولو اجتمعت على قلب حزب واحد.
• النجاح في السُّودان شيءٌ نسبيٌّ والفشل مطلقٌ.. والنجاح استثناءٌ، والفشل قاعدة، لذلك يتقدم حزب أعداء النجاح الوطني، فهم يتحرّكون من على أرض صلبة.
• بصورة عامة، نحن السُّودانيين، الشيء الوحيد الذي يُمكن أن نتّفق عليه هو (الفشل).. والشيء الذي ننجح فيه باكتساح كبير هو (الفشل).. ننجح فقط عندما نُريد أن نُفشل أحداً أو جهة ما.
• حروبنا دائماً على الناجح – الفاشل ندعمه ونتعاطف معه.. وهذا أمرٌ نثبته حتى على المُستوى الفني والإبداعي.. الحرب التي تعرّض لها الفنان محمد وردي، لم يتعرّض لها الذين قلّدوه وشوّهوا أغنياته.. وكذا الحال بالنسبة لمصطفى سيد أحمد الذي حاولوا إفشاله بكافة الطرق حتى أُصيب بالفشل الكلوي.
• في السنوات الأخيرة، لم يظهر فنان بشعبية وإمكانيات ونشاط الراحل محمود عبد العزيز، غير أن الحرب التي تعرض لها الفنان الشاب محمود عبد العزيز تكفي لإسقاط روسيا وإعادة الأندلس من جديد.
• حاربوا الحوت، سجنوه، حاكموه، جلدوه ومنعوه من الغناء في الخرطوم، في الوقت الذي كان فيه أنصاف المواهب والفاشلون من المطربين يسيطرون على الساحة الإعلامية وتُبث أعمالهم في التلفزيون القومي وإذاعة أم درمان ويُمنع محمود عبد العزيز حتى من الغناء في المناسبات الخاصّة.
• محجوب شريف مات بسبب تليف في الرئة نتاج الذي تعرّض له في السجون من تعذيب وارتفاع درجة الرطوبة فيها.. هذا الشاعر الذي غنّى للشعب وهو يُطلق عليه شاعر الشعب، حاربته الحكومات، منذ حكومة مايو وحتى حكومة الإنقاذ.
• في السياسة، الذين يتعرّضون للهجوم والانتقاد هُم دُعاة الحرية والديمقراطية.. هاجمنا الصادق المهدي.. وهاجمنا حمدوك.. وتركنا القَتَلَة ومن وصلوا إلى مناصبهم بطرق غير شرعية.
• في العالم كله، المواهب تدعم والعبقريات تساند، إلّا في السُّودان فقد أجهضنا أعظم المشاريع وأكبرها نجاحاً مثل مشروع الجزيرة والسكة حديد – نحن عندنا فوبيا من النجاح، ما أن يظهر في مكان أو يبدو في مشروع، إلّا اتّجهنا نحو فشله وتدميره والقضاء عليه.
• الحكومات الديمقراطية لا نصبر عليها، في الوقت الذي يمكن أن نصبر فيه على الحكومات الشمولية والعسكرية (30) عاماً وننتظر منها المزيد رغم فشلها الكبير.
• اعطني مشروعاً ناجحاً في السُّودان.. السُّودانيون قادرون بين ليلة وعشاه على تحويله إلى حطام.. الثورات الشعبية، قادرون على إجهاضها.
• النجاح عندنا مُرتبطٌ بالماضي ونجاحاتنا تبقى فقط في (ذكرياتنا)، لذلك نَحنُ إلى الماضي ونرجع إليه، لأن النجاح (ماضٍ).
• لماذا يبقى الحب الأول خالداً في مخليتنا؟ يبقى الحب الأول لأنه (فشل) ولأنه أصبح من (الماضي).. الحب الذي ينتهي بالزواج يموت سريعاً لأنّنا ضد النجاح.. ضد حتى أن ينجح الحب، لذلك يكون المحب ضد حبه وضد حبيبه أيضاً.
• الذين ينجحون في الأسواق وفي التجارة وفي دنيا الأموال، هم الذين فشلوا في الدراسة.. لهذا نجاحهم هو ترويجٌ للفشل وتمكينٌ لهم.
• مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بصورة عامة، أصبح النجاح فيه مرتبطاً بالبحث عن الإثارة والإساءة والطعن في الأشراف.. وهذا نجاحٌ آخرٌ للفاشلين.
• إذا أردت أن تنجح عليك أن لا تكتفي بمقومات النجاح فقط من إمكانيات وتأهيل وخبرات وقُدرات.. إذا أردت أن تنجح لا بد أن تمتلك مصدات للسهام التي سوف تتعرّض لها من الذين يُريدون أن يفشلوك.
• عشنا أسوأ أيّام حياتنا في عهد الحكومات العسكرية.. والبلاد تُعاني الآن من السُّوء والإخفاق والفشل في كافة المجالات.. لكن أدرك أنّ الذين ينتظرون الحكومة المدنية القادمة من أجل إفشالها ومهاجمتها والقضاء عليها كُثرٌ!!
• إذا جاءت حكومة مدنيّة سوف يعودون ليتحدّثوا عن الوقفات الاحتجاجية، وعن إغلاق كوبري المك نمر، وعن قطوعات الكهرباء، وعن سعر رطل اللبن، وعن تأخُّر المرتبات رغم أنّ كل هذه الأشياء تحدث الآن ولا يتحدّث عنها أحدٌ ولا يتوقّف فيها.
• رئيس الوزراء القادم، عليه أن يعلم أنّ الجميع في انتظاره.. ليس من أجل أن ينجح أو يُدعم ويُساند، ولكن من أجل أن يفشل ويخفق ويُغادر.. أتعرفون هذا لماذا؟ هذا من أجل أن نثبت نجاحنا وصحة نظريتنا، فنحن نجاحنا في فشل الآخرين!!
• إذا لم تتبدّل هذه المفاهيم لن يحدث نجاحٌ.. علينا أن نُوقف حملات الإفشال والاستهداف.. علينا أن نكون عوناً للناجحين.. ولو كان ذلك بالصبر عليهم أو فقط بعدم عرقلتهم والحفر لهم.
• السُّودان أمانة في عنق كل سُوداني.. إذا أردنا الخير للوطن ولنا جميعاً، علينا أن نكون عوناً للناجحين وسنداً لهم.. أو فقط مطلوبٌ منكم أن لا تكونوا سنداً للفاشلين..!