سفينة بَوْح – هيثم الفضل- بروتوكول مكافحة عدوى الديموقراطية ..!
ما الذي أجبر البرهان على توقيع الاتفاق الإطاري مع قوى الحرية والتغيير طالما أنهُ لم تزل لديه أمنيات ومطالب لم توفي بها بنود الاتفاق ؟ ، سيكون السؤال مُحيِّرا ،ً لو استبعدنا أن توقيعهُ على الإطاري كان من حيث المبدأ (إضافة) جديدة لإبداعاته المُتتالية والمعهودة في عالم المراوغة ، ودُنيا (اللا حياء) في التنصُّل وعدم الوفاء بالمواثيق والعهود ، بعض المُحلِّيين السياسيين يرون ومن واقع التعامل مع مبدأ (لكل مُستجدٍ جديد) ، أن قائد الجيش وبعد توقيع الإطاري قد حصل على (فرص) جديدة للبقاء في الحكم لم تكُن متوقَّعة ولا في الحُسبان ، ربما أوحى إليه بها بعض (المُرتجفين) من دول الجوار الإقليمي الذين يهابون من فكرة إنشاء نظام ديموقراطي في السودان ، إذ يُعتبر ذلك من وجهة نظرهم وأظنها صحيحة بنسبة مائة في المائة (باباً) مفتوحاً لن يُغلق أمام شعوبهم لمحاولة إعادة إنتاج ثورات الربيع العربي ، شاملةً في ذلك حتى الدول التي لم تطرُق أبواب حكامها تلك الثورة التي اندلعت في الفترة من 2016 إلى 2018 ، تلك الدول وفي مقدمتها مصر والسعودية والأمارات ، لها مصالح مبدئية وثانوية في أمر ما يحدث من ارتباك سياسي في السودان ، أما المصالح المبدئية فتتمثَّل في مقاومة انتقال السُلطة في البلاد من العسكرية الشمولية إلى المدنية الديموقراطية تخوُّفاً من انتقال عدوى الديموقراطية والحرية إلى شعوبها المقموعة ، أما المصالح الثانوية فهي ما يمكن أن نُطلق عليه الحد الأدنى للسياسات (المُعلنة) فيما يختص بــ (إظهار) للتضامن مع الأمم المتحدة والقوى الدولية التي تساند وتدعم التحول الديموقراطي في السودان.
الدول الإقليمية المجاورة للسودان ، تعمل على خطين مُتضادين في التعامل مع القضية السودانية ، الخط الأول تعمل على تنفيذه وتوجيههُ عبر أجهزتها الرسمية والبروتوكولية والدبلوماسية ، وتُعلن من خلالها وعبر منابرها دعمها لإرادة الشعب السوداني وتضامنها غير المشروط مع الحملة الدولية المُضادة للانقلاب والداعمة للتحوُّل الديموقراطي ، أما الخط الثاني فيتمثَّل في دعم كل محاولات القيادة العسكرية في البقاء على رأس السُلطة وعدم التنازل وتعمل على إقرار وتنفيذ ذلك (سراً) وفي الخفاء عبر أجهزة مُخابراتها المركزية ، والمتواجدة في السودان ، وربما عبر تنسيق مع أجهزة مخابراتية أخرى تشاركها نفس المصالح والأماني والقلق من مثول الديموقراطية في السودان.
الأسئلة المطروحة بشدة حالياً هي : هل تستوعب الأمم المتحدة والدول المُمثِّلة للمُجتمع الدولي ، هذه الازدواجية في توجُّهات الجوار الإقليمي ؟ ، وهل لعب المجتمع الدولي أو سيلعب دوراً (حاسماً) في إيقاف وإخماد نيرانها التي يزداد اشتعالها كلما أصبح أمر استعادة التحوُّل الديموقراطي واستسلام العسكر وشيكاً وقابلاً للمثول ؟ ، وهل (سُتعلي) دول الجوار المُتضرِّرة من ديموقراطية السودان من مقام (مكاسبها) المُرتقبة من توطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها الفرعية عبر الانتظام في الركب الداعم للتحوُّل الديموقراطي في السودان ، (وتستغنى) وتُدني من مقام (مكاسبها) الاستراتيجية المُتمثِّلة في حماية وتأمين أنظمتها الحاكمة من احتمالات سريان عدوى الديموقراطية بين شعوبها ؟.